وقال الرازي في «تفسيره» : إن لقائل أن يقول : إن في جملة الأرض ما يطلق عليه أنه في الأرض فيكون جامعا للوصفين ، ولا شك أن المعادن داخلة في ذلك ؛ وكذلك عروق الأرض وما يجري مجرى البعض لها ؛ ولأن تخصيص الشيء بالذكر لا يدل على نفي الحكم عما عداه؟ انتهى.
وقد ذكر صاحب «الكشاف» (١) ما هو أوضح من هذا فقال : إن قلت : هل لقول من زعم أن المعنى خلق لكم الأرض وما فيها وجه صحة؟ قلت : إن أراد بالأرض الجهات السفلية دون الغبراء ـ كما تذكر السماء ويراد الجهات العلوية ـ جاز ذلك ؛ فإن الغبراء وما فيها واقعة في الجهات السفلية. انتهى.
قال الشوكاني في «فتح القدير» (٢). وأما التراب فقد ورد في السنة تحريمه (٣) ، وهو أيضا ضار فليس مما ينتفع به أكلا ولكنه ينتفع به في منافع أخرى ؛ وليس المراد منفعة خاصة كمنفعة الأكل ؛ بل كلما يصدق عليه أنه ينتفع به بوجه من الوجوه.
وقد أخرج عبد بن حميد وابن جرير عن قتادة في قوله تعالى هذا ؛ (سَخَّرَ لَكُمْ ما فِي الْأَرْضِ) : جميعا كرامة من الله ونعمة لابن آدم وبلغة ومنفعة إلى أجل (٤).
[الآية الثانية]
(وَإِذْ أَخَذْنا مِيثاقَ بَنِي إِسْرائِيلَ لا تَعْبُدُونَ إِلَّا اللهَ وَبِالْوالِدَيْنِ إِحْساناً وَذِي الْقُرْبى وَالْيَتامى وَالْمَساكِينِ وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْناً وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكاةَ ثُمَّ تَوَلَّيْتُمْ إِلَّا قَلِيلاً مِنْكُمْ وَأَنْتُمْ مُعْرِضُونَ (٨٣)).
(وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْناً) أي قولوا لهم قولا حسنا ، فهو صفة مصدر محذوف ؛ وهو مصدر كبشرى.
__________________
(١) انظر الكشاف [١ / ٦٠] وفتح القدير [١ / ٦٠].
(٢) انظر فتح القدير [١ / ٦٠].
(٣) أخرجه البيهقي في السنن الكبرى [١٠ / ١١] وأخرجه ابن عدي في الكامل [٥ / ١٩٢ ـ ١٩٣] انظر الكامل [٤ / ٢٥٠] ولسان الميزان [٣ / ٣٥٦] والفوائد المجموعة [ص ١٣٠] واللآلئ [٢ / ٢٤٧].
(٤) انظر فتح القدير [١ / ٦١].