كما كانوا يفعلونه في الجاهلية. ومنه قوله تعالى : (فَلَمَّا قَضى زَيْدٌ مِنْها وَطَراً زَوَّجْناكَها لِكَيْ لا يَكُونَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ حَرَجٌ فِي أَزْواجِ أَدْعِيائِهِمْ إِذا قَضَوْا مِنْهُنَّ وَطَراً). ومنه قوله : (وَما جَعَلَ أَدْعِياءَكُمْ أَبْناءَكُمْ). ومنه : (ما كانَ مُحَمَّدٌ أَبا أَحَدٍ مِنْ رِجالِكُمْ). وأما زوجة الابن من الرضاع فذهب الجمهور إلى أنها تحرم على أبيه ، وقد قيل : إنه إجماع مع أن الابن من الرضاع ليس من أولاد الصلب. ووجهه ما صح عن النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم من قوله : «يحرم من الرّضاع ما يحرم من النسب» (١). ولا خلاف أن أولاد الأولاد ، وإن سفلوا ، بمنزلة أولاد الصلب في تحريم نكاح نسائهم على آبائهم.
وقد اختلف أهل العلم في وطء الزنا : هل يقتضي التحريم أم لا؟ فقال أكثر أهل العلم : إذا أصاب رجل امرأة بزنا لم يحرم عليه نكاحها بذلك ، وكذلك لا تحرم عليه امرأته إذا زنا بأمها أو بابنتها ، وحسبه أن يقام عليه الحدّ ، وكذلك يجوز له عندهم أن يتزوّج بأم من زنا بها وبابنتها (٢).
وقالت طائفة من أهل العلم : إن الزنا يقتضي التحريم ، حكي ذلك عن عمران بن حصين والشعبي وعطاء والحسن وسفيان الثوري وأحمد (٣) وإسحاق وأصحاب (٤). الرأي ، وحكى ذلك عن مالك ، والصحيح عنه كقول الجمهور (٥).
احتج الجمهور بقوله تعالى : (وَأُمَّهاتُ نِسائِكُمْ) ، وبقوله : (وَحَلائِلُ أَبْنائِكُمُ). والموطوءة بالزنا لا يصدق عليه أنها من نسائهم ولا من حلائل أبنائهم.
وقد أخرج الدارقطني عن عائشة قالت : سئل رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم عن رجل زنى بامرأة فأراد أن يتزوجها أو ابنتها فقال : «لا يحرم الحرام الحلال» (٦) ، واحتج المحرّمون بما
__________________
(١) [متفق عليه] أخرجه البخاري في الصحيح [٥ / ٢٥٣] ح [٢٦٤٦ ، ٣١٠٥ ، ٥٠٩٩] ومسلم في الصحيح ح [١٤٤٤].
(٢) وهو قول الإمام الشافعي. انظر روضة الطالبين [٧ / ١١٣].
(٣) انظر المغني [٧ / ٤٨٢].
(٤) انظر الهداية [١ / ٣٣٤].
(٥) انظر كفاية الطالب الرباني [٢ / ٥٥].
(٦) [ضعيف] أخرجه ابن حبان في المجروحين [٢ / ٩٨ ـ ٩٩] وابن عدي في الكامل [٥ / ١٦٠] والبيهقي في السنن الكبرى [٧ / ١٦٩] والدارقطني في السنن [٣ / ٢٦٨] والدارقطني في الأوسط كما في المجمع [٤ / ٢٦٨ ـ ٢٦٩] وأخرجه ابن ماجه في السنن ح [٢٠١٥] والدارقطني في السنن [٣ / ٢٦٨] والخطيب البغدادي في التاريخ [٧ / ١٨٢] والبيهقي في السنن [٧ / ١٦٨] انظر الفتح [٩ / ١٥٦].