واختلفوا في الأختين بملك اليمين : فذهب كافة العلماء إلى أنه لا يجوز الجمع بينهما في الوطء بالملك فقط ، وقد توقف بعض السلف في الجمع بين الأختين في الوطء [بالملك] (١).
واختلفوا في جواز عقد النكاح على أخت الجارية التي توطأ بالملك.
فقال الأوزاعي : إذا وطئ جارية له بملك اليمين لم يجز له أن يتزوّج أختها.
وقال الشافعي : مالك اليمين لا يمنع نكاح الأخت.
وقد ذهبت الظاهرية إلى جواز الجمع بين الأختين بملك اليمين في الوطء ، كما يجوز الجمع بينهما في الملك.
قال ابن عبد البر ـ بعد أن ذكر ما روي عن عثمان بن عفان من جواز الجمع بين الأختين في الوطء بالملك ـ : وقد روي مثل قول عثمان عن طائفة من السلف منهم ابن عباس ولكنهم اختلف عليهم ولم يلتفت أحد [إلى ذلك] (٢) من فقهاء الأمصار بالحجاز ولا بالعراق ولا ما وراءها من المشرق ولا بالشام ولا المغرب إلا من شذّ عن جماعتهم باتباع الظاهر ونفي القياس ، وقد ترك من تعمد ذلك.
وجماعة الفقهاء متفقون على أنه لا يحل الجمع بين الأختين بملك اليمين في الوطء كما لا يحل ذلك في النكاح ، وقد أجمع المسلمون على أن معنى قوله : (حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهاتُكُمْ) إلى آخر الآية أن النكاح بملك اليمين في هؤلاء كلهنّ سواء ، فكذلك يجب أن يكون قياسا ونظر الجمع بين الأختين وأمهات النساء والربائب ، وكذلك هو عند جمهورهم وهي الحجة المحجوج بها من خالفها وشذ عنها. والله المحمود انتهى.
وأقول : هاهنا إشكال وهو أنه قد تقرّر أن النكاح يقال على العقد فقط ، وعلى الوطء فقط ، والخلاف في كون أحدهما حقيقة والآخر مجازا ، وكونهما حقيقتين معروف : فإن حملنا هذا التحريم المذكور في هذه الآية وهي قوله : (حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهاتُكُمْ) إلى آخر الآية ، على أن المراد تحريم العقد عليهنّ لم يكن في قوله تعالى :
__________________
(١) ما بين المعكوفين سقط من المطبوع والمثبت من فتح القدير [١ / ٤٤٧].
(٢) ما بين المعكوفين سقط من المطبوع والمثبت من فتح القدير [١ / ٤٤٧].