قال المناوي في شرحه : وروي عن عائشة : «أوصاني جبريل بالجار أربعين دارا» (١). وكلاهما ضعيف. والمعروف المرسل الذي أخرجه أبو داود ، هكذا نقل عن السيوطي ثم قال : ولفظ مرسل أبي داود : «حق الجوار أربعون دارا ، هكذا وهكذا ، وهكذا وأشار قداما ويمينا وخلفا (٢). قال الزركشي : سنده صحيح ، وقال ابن حجر : رجاله ثقات ، ورواه أبو يعلى عن أبي هريرة مرفوعا باللفظ المذكور ؛ لكن قال ابن حجر : في سنده عبد السلام منكر الحديث ، فليحفظ.
وقد ورد في القرآن ما يدل على أن المساكنة في مدينة مجاورة! قال الله تعالى : (لَئِنْ لَمْ يَنْتَهِ الْمُنافِقُونَ) إلى قوله : (ثُمَّ لا يُجاوِرُونَكَ فِيها إِلَّا قَلِيلاً (٦٠))! فجعل اجتماعهم في المدينة جوارا.
وأما الأعراف في مسمى الجوار فهي تختلف باختلاف أهلها ، ولا يصح حمل القرآن على أعراف متعارفة واصطلاحات متواضعة.
(وَالصَّاحِبِ بِالْجَنْبِ) : قيل : هو الرفيق في السفر ، قاله ابن عباس وسعيد بن جبير وعكرمة ومجاهد والضحاك.
وقال علي وابن مسعود وابن أبي ليلى : هو الزوجة.
وقال ابن جريح : هو الذي يصحبك ويلزمك رجاء نفعك. ولا يبعد أن تتناول الآية جميع ما في هذه الأقوال مع زيادة عليها وهو كل من صدق عليه أنه صاحب بالجنب : أي بجنبك. كمن يقف بجنبك في تحصيل علم أو تعلم صناعة أو مباشرة تجارة أو نحو ذلك.
(وَابْنِ السَّبِيلِ) : قال مجاهد : هو الذي يجتاز بك مارّا ، والسبيل : الطريق ، فنسب المسافر إليه لمروره عليه ولزومه إياه. فالأولى تفسيره بمن هو على سفر فإن على المقيم أن يحسن إليه ؛ وقيل : هو المنقطع به ، وقيل : هو الضيف.
وأحسنوا إلى : (وَما مَلَكَتْ أَيْمانُكُمْ) إحسانا. وهم العبيد والإماء. وقد أمر النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم أنهم يطعمون مما يطعم مالكهم ويلبسون مما يلبس ، وقد ورد مرفوعا إلى
__________________
(١) [ضعيف جدا] أخرجه البيهقي في السنن الكبرى [٦ / ٢٧٦].
(٢) عزاه الحافظ الهيثمي لأبي يعلى عن شيخه محمد بن جامع العطار ، وهو ضعيف ، انظر ، مجمع الزوائد [٨ / ١٦٨].