فكانت هذه السنة مقتضية لتفسير الولد بالابن دون البنت.
(وَهُوَ) أي الأخ (يَرِثُها) أي الأخت (إِنْ لَمْ يَكُنْ لَها وَلَدٌ) ذكر ، وإن كان المراد بإرثه لها حيازته لجميع تركتها ، وإن كان المراد ثبوت ميراثه لها في الجملة ـ أعم من أن يكون كلا أو بعضا ـ صح تفسير الولد بما يتناول الذكر والأنثى.
واقتصر سبحانه على نفي الولد فقط مع كون الأب يسقط الأخ أيضا ، لأن المراد بيان سقوط الأخ مع الولد فقط هنا ، وأما سقوطه مع الابن فقد تبين بالسنة ، كما ثبت في «الصحيح» من قوله صلىاللهعليهوآلهوسلم : «ألحقوا الفرائض بأهلها ، فما بقي فالأولى رجل ذكر» (١) والأب أولى من الأخ.
(فَإِنْ كانَتَا) أي فإن كان من يرث بالأخوة (اثْنَتَيْنِ) والعطف على الشرطية السابقة ، والتأنيث والتثنية ، وكذلك الجمع في قوله : (وَإِنْ كانُوا إِخْوَةً) باعتبار الخبر ، (فَلَهُمَا الثُّلُثانِ مِمَّا تَرَكَ) الأخ إن لم يكن له ولد كما سلف ، وما فوق الاثنتين من الأخوات يكون لهن الثلثان بالأولى ؛ مع أن نزول الآية كان في جابر ـ وقد مات رضي الله عنه عن أخوات سبع أو تسع (٢).
(وَإِنْ كانُوا) : أي من يرث بالأخوة (إِخْوَةً) أي وأخوات ، فغلب الذكور ، أو فيه اكتفاء بدليل قوله : (رِجالاً وَنِساءً) أي مختلطين ذكورا وإناثا (فَلِلذَّكَرِ) : منهم ، (حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ) : تعصيبا.
وقد وضحنا الكلام ـ خلافا واستدلال وترجيحا ـ في شأن الكلالة ، في أول هذه السورة ، فلا نعيد (٣).
__________________
(١ / ٣٨٩) ، وابن ماجة (٢٧٢١) ، عن ابن مسعود مرفوعا.
وانظر : إجماع ابن المنذر (ص ٦٨) ، والمغني (٦ / ١٧٤) ، والمبسوط (٢٩ / ١٥٢) ، ومراتب ابن حزم (ص ١٠٢) ، والإقناع (٣ / ٨٨) ، وشرح الرحبية (ص ٦٥) بتحقيقنا.
(١) صحيح : رواه البخاري (١٢ / ١١ ، ١٦ ، ١٨) ، ومسلم (١١ / ٥٢ ، ٥٣) ، وأبو داود (٢٨٩٥) ، والترمذي (٢٠٩٠) ، وابن ماجة (٢٧٤٠) ، وأحمد (١ / ٢١٣) عن ابن عباس مرفوعا.
وانظر : شرح الرحبية لسبط المارديني (ص ٧٣ ، ٧٤) ، بتحقيقنا ـ ط. قرطبة ، ودار الكتب العلمية.
(٢) حديث صحيح : رواه البخاري (١٢ / ٢٥) ، ومسلم (١١ / ٥٤ ، ٥٦) ، عن جابر بن عبد الله مرفوعا.
(٣) عند الآية (١٢).