تعتدوا الحق إلى الباطل ، [والعدل] (١) إلى الجور.
والجريمة والجارم : بمعنى الكاسب ، والمعنى : لا يحملنكم يغض قوم على الاعتداء عليهم ، أو لا يكسبنكم بغضهم اعتداءكم على الحق إلى الباطل. ويقال : جرم يجرم جرما إذا قطع ، قال علي بن عيسى الرماني : وهو الأصل.
فجرم بمعنى حمل على الشيء لقطعه من غيره ، وجرم بمعنى كسب لانقطاعه ، ولا جرم بمعنى حق ؛ لأن الحق يقطع عليه.
قال الخليل : معنى لا جرم أن لهم النار : لقد حق أن لهم النار.
وقال الكسائي : جرم وأجرم لغتان بمعنى واحد أي اكتسب.
وقرأ ابن مسعود : ولا يجرمنكم بضم الياء ، والمعنى لا يكسبنكم ، ولا يعرف البصريون أجرم ، وإنما يقولون : جرم لا غير (٢).
والشنآن : البغض ، وقريء بفتح النون وإسكانها ، يقال شنيت الرجل أشنوه شنا ومشنا وشنآنا ، كل ذلك إذا أبغضته. وشنآن هنا مضاف إلى المفعول ، أي بغض قوم منكم لا بغض قوم لكم (٣).
(أَنْ صَدُّوكُمْ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ أَنْ تَعْتَدُوا) بفتح الهمزة مفعول لأجله ، أي لأن صدوكم. وقرأ أبو عمرو وابن كثير بكسر الهمزة على الشرطية ، وهو اختيار أبو عبيد. وقرأ الأعمش أن يصدّوكم ، والمعنى على قراءة الشرطية لا يحملنكم بغضهم أن وقع منهم الصد لكم عن المسجد الحرام على الاعتداء عليهم (٤).
__________________
(١) في المطبوع (فالعدل) وهو خطأ واضح ، والصواب ما أثبت كما في «فتح القدير» (٢ / ٦).
(٢) انظره في : تفسير ابن عطية (٤ / ٣٣٢) وقال : وهذه تؤيد قراءة أبي عمرو وابن كثير اه.
(٣) قال الفسوي : (شنئان) بفتح النون مصدر لا محالة ، والمصدر يكثر على فعلان نحو النزوان والنقران ، وقال سيبويه : هذا الضرب من المصادر تأتي أفعاله لازمة إلا أن يشذّ شيء ... الموضح (١ / ٤٣٦) ، الكتاب (٤ / ١٤) ، النشر (٢ / ٢٥٣ ، ٢٥٤).
(٤) قال الفسوي : إن صدوكم بكسر الألف ، قرأها ابن كثير وأبو عمرو على أن إن للشرط ، وجوابه قد أغنى عنه ما قبله من قوله (وَلا يَجْرِمَنَّكُمْ) والتقدير : إن صدّوكم عن المسجد الحرام ، فلا تكتسبوا الاعتداء.
وقرأ الباقون (أَنْ صَدُّوكُمْ) بفتح الألف.
وهو ظاهر ، والمعنى : لا يكسبنّكم بغض قوم الاعتداء لأن صدّوكم عن المسجد الحرام ، أي لصدّهم إياكم عن المسجد ، فهو مفعول له ، فقوله (أَنْ تَعْتَدُوا) مفعول ثان (وَلا يَجْرِمَنَّكُمْ) (أَنْ