الحديد ، التي يجعل فيها [البارود] (١) والرصاص ، ويرمى بها ، فلم يتكلم عليها أهل العلم لتأخر حدوثها ، فإنها لم تصل إلى الديار اليمنية ، إلا في المائة العاشرة من الهجرة ، وقد سألني جماعة من أهل العلم عن الصيد بها إذا مات ، ولم يتمكن الصائد من تذكيته حيا؟ والذي يظهر لي أنه حلال ، لأنها تخرق وتدخل ـ في الغالب ـ من جانب منه ، وتخرج من الجانب الآخر.
وقد قال صلىاللهعليهوآلهوسلم في الحديث الصحيح السابق : «إذا رميت بالمعراض فخرق فكله» (٢) ، فاعتبر الخرق في تحليل الصيد. انتهى.
قلت : وقد سبقه إلى ذلك السيد العلامة محمد بن إسماعيل الأمير حيث قال في «سبل السلام شرح بلوغ المرام» (٣) : قلت : وأما البنادق [المعروفة] (٤) الآن فإنها ترمي بالرصاص ، فيخرج وقد صهرته نار البارود كالميل ، فيقتل بحده لا بصدمه ، فالظاهر حل ما قتله. انتهى.
وتعقبه ولده العلامة السيد عبد الله محمد الأمير وقال : هذا وهم من والدي ـ قدس الله تعالى روحه ـ ؛ فإن الرصاص لا يذوب أصلا ، إنما تدفعه نار البارود ، فيصيب بصدمة ، يعرف هذا كل من يعرف البنادق المذكورة ، والله أعلم. انتهى.
أقول : التحقيق أن النار تدفع الرصاص أولا ، فيصيب الصيد ، ثم يخرق الرصاص الصيد ، فيموت الصيد بخرقه. فيكون حلالا كما احتج به الشوكاني. والله أعلم.
(وَالْمُتَرَدِّيَةُ) : هي التي [تتردى] (٥) من علو إلى أسفل ، فتموت من غير فرق ، بين أن تتردى من جبل ، أو بئر ، أو مدفن ، أو غيرها.
والتردي مأخوذ من الردى وهو الهلاك ، وسواء تردت بنفسها أو ردّاها غيرها (٦).
(وَالنَّطِيحَةُ) هي فعلية بمعنى مفعولة ، وهي التي تنطحها أخرى فتموت من دون تذكية. وقال قوم إنها فعلية بمعنى فاعلة ؛ لأن الدابتين تتناطحان فتموتان. وقال :
__________________
(١) ما بين [] البارد وهو خطأ والصواب ما أثبت كما في «فتح القدير» (٢ / ٩).
(٢) تقدّم آنفا.
(٣) انظره في (٤ / ٨٥) للصنعاني.
(٤) في «المطبوعة (المعرفة) وهو خطأ والتصويب من سبل السّلام (٤ / ٨٥).
(٥) ما بين [] حرّف في «المطبوعة» إلى تردى وهو خطأ والتصويب من فتح القدير (٢ / ٩).
(٦) انظر : الطبري (٦ / ٤٥) ، وابن كثير (٢ / ١٠) ، وزاد المسير (٢ / ٢٨٠).