نطيحة ولم يقل نطيح ، مع أنه قياس فعيل ؛ لأن لزوم الحذف مختص بما كان من هذا الباب ، صفة لموصوف مذكور ، فإن لم يذكر ثبتت التاء للنقل من الوصفية إلا الاسمية.
وقرأ أبو ميسرة : والمنطوحة (١).
(وَما أَكَلَ السَّبُعُ) : أي وحرم ما افترسه ذو ناب ، كالأسد والنمر والذئب والضبع ونحوها. والمراد هنا ما أكل منه السبع ، لأن ما أكله السبع كله قد فني ، ومن العرب من يخص اسم السبع بالأسد ، وكانت العرب إذا أكل السبع الشاة ، ثم خلصوها منه أكلوها ، وإن ماتت ولم يذكوها.
(إِلَّا ما ذَكَّيْتُمْ) في محل نصب على الاستثناء المتصل عند الجمهور ، وهو راجع على ما أدركت ذكاته من المذكورات سابقا وفيه حياة.
وقال المدنيون : وهو المشهور من مذهب مالك ، وهو أحد قولي الشافعي : إنه إذا بلغ السّبع منها إلى ما لا حياة معه ، فإنها لا تؤكل. وحكاه في «الموطأ» (٢) عن زيد بن ثابت ، وإليه ذهب إسماعيل القاضي ، فيكون الاستثناء على هذا القول منقطعا ؛ أي حرمت عليكم هذه الأشياء ، لكن ما ذكيتم فهو الذي يحل ولا يحرم. والأول أولى.
والذكاة في كلام العرب : الذبح. قاله قطرب وغيره. وأصل الذكاة في اللغة : التمام ، أي تمام استكمال القوة.
والذكاء : حدة القلب ، وسرعة الفطنة.
__________________
(١) انظر : الطبري (٦ / ٤٦) ، زاد المسير (٢ / ٢٨٠) ، ابن كثير (٢ / ١٠) ، ابن عطية (٤ / ٣٣٧).
(٢) انظر : الموطأ (١ / ٣٩٩) وما بعدها.
وقال اللخمي : المنخنقة والموقوذة ، بالذّال المعجمة ، وهي التي تضرب حتى تموت ، والمتردية ، والنطيحة ، وما أكل السبع ، ما مات منها فحام ، وما لو ترك لعاش يذكى ، وغير المرجو ، والذي حدث به في مواضع الذكاة لم تؤكل ، وفي غيره يذكى ويؤكل عند مالك.
قال ابن القاسم : ولو انتثرت الحشوة ، لأن قوله تعالى : (إِلَّا ما ذَكَّيْتُمْ) بعد ذكر هذه الأقسام ، استثناء متصل ، لأنه الأصل ، وقيل : لا يؤكل لأنه منقطع أي من غيرهن ، لأنه لو لا ذلك لكان قوله (حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ) يغني عنه.
وفي الجواهر : منع أبو الوليد جريان الخلاف الذي ذكره اللخمي إذا كان المقتل في غير محل الذكاة ، وقال : المذهب كله على المنع ، وإنما الخلاف إذا بلغت الناس بغير إصابة مقتل ... وانظر : الذخيرة للقرافي (٤ / ١٢٨ ، ١٢٩) ، والوسيط في مذهب الشافعية للغزالي (٧ / ١٠٧ ، ١٠٨ ، ١١٣).