الْأَنْفالِ) ، وأن أربعة أخماس الغنيمة مقسومة على الغانمين ، وأن قوله : (يَسْئَلُونَكَ عَنِ الْأَنْفالِ) نزلت حين تشاجر أهل بدر في غنائم بدر ـ على ما تقدمت الإشارة إليه (١).
وقيل : إنها ـ أعني (يَسْئَلُونَكَ عَنِ الْأَنْفالِ) ـ محكمة غير منسوخة ، وأن الغنيمة لرسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، وليست مقسومة بين الغانمين ؛ وكذلك لمن بعده من الأئمة. حكاه [المازري] (٢) عن كثير من المالكية.
قالوا : وللإمام أن يخرجها عنهم ، واحتجوا بفتح مكة وقصة حنين. وكان أبو [عبيد] (٣) يقول : افتتح رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم مكة عنوة ، ومنّ على أهلها فردها عليهم ، ولم يقسمها ، ولم يجعلها فيئا.
وقد حكى الإجماع جماعة من أهل العلم (٤) ، على أن أربعة أخماس الغنيمة للغانمين ، وممن حكى ذلك : ابن المنذر وابن عبد البر والداودي والمازري والقاضي عياض وابن العربي ، والأحاديث الواردة في قسمة الغنيمة من الغانمين وكيفيتها كثيرة جدا.
قال القرطبي (٥) : ولم يقل أحد ـ فيما أعلم ـ إن قوله تعالى : (يَسْئَلُونَكَ عَنِ الْأَنْفالِ) الآية ناسخ لقوله تعالى : (وَاعْلَمُوا أَنَّما غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ) الآية ؛ بل قال الجمهور : إن قوله : (أَنَّما غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ) ، ناسخ ، وهم الذين لا يجوز عليهم التحريف ولا التبديل لكتاب الله.
وأما قصة فتح مكة فلا حجة فيها لاختلاف العلماء في فتحها.
وأما قصة حنين ، فقد عوض الأنصار لما قالوا : يعطي المغانم قريشا ويتركنا وسيوفنا تقطر من دمائهم نفسه؟! فقال لهم : «أما ترضون أن يرجع الناس بالدنيا وترجعون برسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم إلى بيوتكم؟» كما في مسلم وغيره (٦). وليس لغيره أن يقول. هذا القول ؛ بل ذلك خاص به.
__________________
(١) وذلك عن تفسيره للآية (١) من هذه السورة الكريمة.
(٢) وقع في المطبوعة (الماوردي) وهو خطأ ، والتصويب من «تفسير القرطبي» (٨ / ٢).
(٣) في المطبوعة (أبو عبيدة) وهو خطأ ، وصوبناه من تفسير القرطبي (٨ / ٢).
(٤) انظر : مراتب الإجماع للعلامة ابن حزم (ص ١٣٣) ط. دار الآفاق بيروت.
(٥) انظره في «تفسيره» (٨ / ٤٢٣).
(٦) حديث صحيح : رواه البخاري (٨ / ٥٣) ، ومسلم (٧ / ١٥١ ، ١٥٢) عن أنس مرفوعا.