وَبَيْنَهُمْ مِيثاقٌ) : فلا تنصروهم ، ولا تنقضوا العهد الذي بينكم وبين أولئك القوم حتى تنقضي مدته ، وهي عشر سنين.
[الآية الرابعة عشرة]
(وَالَّذِينَ آمَنُوا مِنْ بَعْدُ وَهاجَرُوا وَجاهَدُوا مَعَكُمْ فَأُولئِكَ مِنْكُمْ وَأُولُوا الْأَرْحامِ بَعْضُهُمْ أَوْلى بِبَعْضٍ فِي كِتابِ اللهِ إِنَّ اللهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (٧٥)).
(وَأُولُوا الْأَرْحامِ بَعْضُهُمْ أَوْلى بِبَعْضٍ) : من غيرهم ممن لم يكن بينه وبينهم رحم في الميراث ، والمراد بهم القرابات ، فيتناول كل قرابة.
وقيل : المراد بهم هنا العصبات ، كقول العرب : صلتك رحم ؛ فإنهم لا يريدون قرابة الأم ، ولا يخفى عليك أنه ليس في هذا ما يمنع من إطلاقه على غير العصبات.
وقد استدل بهذه الآية من أثبت الميراث لذوي الأرحام ، وهم من ليس بعصبته ولا ذي سهم على حسب اصطلاح أهل علم المواريث ، والخلاف في ذلك معروف مقرر في مواطنه (١).
وقد قيل ؛ إن هذه الآية ناسخة للميراث بالموالاة والنصرة عند من فسّر ما تقدم ، من قوله : (بَعْضُهُمْ أَوْلِياءُ بَعْضٍ) [الأنفال : ٧٢]. وما بعده ، بالتوارث.
وأما من فسّرها بالنصرة والمعونة ، فيجعل هذه الآية إخبارا منه سبحانه وتعالى بأن القرابات بعضهم أولى ببعض.
(فِي كِتابِ اللهِ) : أي في حكمه ؛ أو في اللوح المحفوظ ، أو في القرآن ، ويدخل في هذه الأولوية في الميراث دخولا أوليا ، لوجود سببه ؛ أعني القرابة (٢).
__________________
(١) انظر في ذلك : الرّوض المربع (٢٥٩). وغاية المطلب (٣٠٦) ، الروضة الندية (٣٢٥) ، والمحلى (٩ / ٢٥٢).
(٢) قال القاضي ابن العربي : «لا خلاف ولا إشكال في أن الميراث كان في صدر الإسلام بالولاية ثم صار في آخره بالقرابة ، إلا أن هذه الآية محتملة أن يكون المراد بنفي الولاية نفي النصرة ، ويحتمل أن يكون المراد بها نفي الميراث فتكون منسوخة والأول أظهر .. انظر : الناسخ والمنسوخ (٢ / ٢٣٨ ، ٢٣٩).