[الآية الخامسة عشرة]
(انْفِرُوا خِفافاً وَثِقالاً وَجاهِدُوا بِأَمْوالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللهِ ذلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ (٤١)).
(انْفِرُوا) حال كونكم (خِفافاً وَثِقالاً).
وقيل : المراد منفردين أو مجتمعين ؛ وقيل : نشاطا وغير نشاط ، وقيل : فقراء وأغنياء ، وقيل : مقلين من السلاح ومكثرين منه ، وقيل : أصحاء ومرضى ، وقيل : شبابا وشيوخا ، وقيل : رجالا وفرسانا ، وقيل : من لا عيال له ومن له عيال ، وقيل : من سبق إلى الحرب كالطلائع ومن يتأخر كالجيش ، وقيل : غير ذلك. ولا مانع من حمل الآية على جميع هذه المعاني ؛ لأن معنى الآية : انفروا خفّت عليكم الحركة أو ثقلت.
قيل : وهذه الآية منسوخة بقوله تعالى : (لَيْسَ عَلَى الضُّعَفاءِ وَلا عَلَى الْمَرْضى) [التوبة : ٩١] ، وقيل : الناسخ لها قوله تعالى : (فَلَوْ لا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طائِفَةٌ) [التوبة : ١٢٢] الآية.
وقيل : هي محكمة وليست بمنسوخة (١).
ويكون إخراج الأعمى والأعرج بقوله : (لَيْسَ عَلَى الْأَعْمى حَرَجٌ وَلا عَلَى الْأَعْرَجِ حَرَجٌ) [النور : ٦١] ، وإخراج المريض والضعيف بقوله : (لَيْسَ عَلَى الضُّعَفاءِ وَلا عَلَى الْمَرْضى) [التوبة : ٩١] ، من باب التخصيص لا من باب النسخ على فرض دخول هؤلاء تحت قوله : (خِفافاً وَثِقالاً) ، والظاهر عدم دخولهم تحت العموم.
(وَجاهِدُوا بِأَمْوالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللهِ) الأمر بالجهاد بالأموال والأنفس ، وإيجابه على العباد : فالفقراء يجاهدون بأنفسهم ، والأغنياء بأموالهم وأنفسهم ، والجهاد من آكد الفرائض وأعظمها ، وهو فرض كفاية مهما كان البعض يقوم بجهاد العدو
__________________
(١) قال القاضي ابن العربي : «قال بعضهم : قال ابن عباس رضي الله عنهما : نسخها قوله تعالى (وَما كانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنْفِرُوا كَافَّةً) وهذا في قوله (إِلَّا تَنْفِرُوا) لا يحسن نسخه ، لأنه خبر عن الوعيد ، والمعنى : إذا احتيج إليهم نفروا كلهم ، فهي محكمة. (الناسخ والمنسوخ ٢ / ٢٤٨ ، ٢٤٩).
فائدة : في قوله (خِفافاً وَثِقالاً) ذكر له أهل التفسير أكثر من عشرة أقوال وانظر : الفراء (١ / ٤٣٩) ، وابن قتيبة (١٨٧) ، والطبري (١٠ / ٩٧) ، والنكت (٢ / ١٣٩) ، والزاد (٣ / ٤٤٢).