تُخْفُوها وَتُؤْتُوهَا الْفُقَراءَ فَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ) [البقرة : ٢٧١].
والصدقة تطلق على الواجبة كما تطلق على المندوبة.
وصحّ عنه صلىاللهعليهوآلهوسلم أنه قال : «أمرت أن آخذ الصدقة من أغنيائكم وأردّها في فقرائكم» (١).
وقد ادّعى مالك الإجماع على القول الآخر.
قال ابن عبد البر : بإجماع الصحابة ، فإنه لا يعلم مخالفا منهم.
(لِلْفُقَراءِ وَالْمَساكِينِ) : قدّمهم لأنهم أحوج من البقية على المشهور ، لشدة فاقتهم وحاجتهم.
وقد اختلف أهل العلم في الفرق بين الفقير والمسكين على أقوال :
فقال يعقوب بن السّكيت والقتيبي ويونس بن حبيب : إن الفقير أحسن حالا من المسكين ؛ قالوا : لأن الفقير هو الذي له بعض ما يكفيه ويقيمه ، والمسكين الذي لا شيء له. وذهب إلى هذا قوم من أهل الفقه منهم أبو حنيفة.
وقال آخرون بالعكس فجعلوا المسكين أحسن حالا من الفقير (٢) واحتجوا بقوله
__________________
(١) صحيح : رواه البخاري (٣ / ٢٦١ ، ٣٢٢ ، ٣٥٧) ، ومسلم (١ / ١٩٥ ، ١٩٧) عن ابن عباس أن معاذا قال : بعثني رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم قال : «إنك تأتي قوما من أهل الكتاب ، فادعهم إلى شهادة أن لا إله إلا الله وأني رسول الله ، فإن هم أطاعوا ذلك فأعلمهم أن الله افترض عليهم صدقة تؤخذ من أغنيائهم فتردّ في فقرائهم ...» الحديث.
(٢) قال المصنف في «الروضة الندية» (١ / ٢٠٤) : «الفقير عند الشافعي هو من لا مال له ولا حرفة يقع منه موقعا ، وعند أبي حنيفة من لا شيء له فيحتاج إلى المسألة لقوته ، أو ما يواري بدنه ، والعامل له مثل عمله سواء كان فقيرا أو غنيّا ، وعليه أهل العلم.
وقال ابن الحاجب المالكي : «المشهور : أن الفقراء والمساكين صنفان ، وعليه فيما اختلفا به مشهورها شدّة الحاجة ، فالمشهور في المسكين ، وقيل : سؤال الفقير ، وقيل العلم به .. (الجامع ١٦٤).
وقال الحصني : «الفقير الذي لا مال له ولا كسب أو له مال أو كسب ولكن لا يقع موقعا من حاجته كمن يحتاج إلى عشرة مثلا ولا يملك إلا درهمين ، وهذا لا يسلبه اسم الفقر ، وكذا ملك الدّار التي يسكنها ، والثوب الذي يتجمل به لا يسلبه اسم الفقر ، وكذا العبد الذي يخدمه. قال ابن كج : ولو كان له مال على المسافة ، مسافة القصر يجوز له الأخذ إلى أن يصل إلى ماله ، ولو كان له دين مؤجل فله أخذ كفايته إلى حلول الدّين ، ولو قدر على الكسب فلا يعطى لقوله صلىاللهعليهوآلهوسلم : «لا حظ فيها لغني ولا لذي مرّة سويّ وهي القوة» وفي رواية : «ولا لذي قوة مكتسب» ولو قدر على.