قال الأخفش أيضا : الآية فيها تقديم وتأخير ، والمعنى والذين يظاهرون من نسائهم ، ثم يعودون لما كانوا عليه من الجماع.
(فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ) ، لما قالوا. أي فعليهم تحرير رقبة من أجل ما قالوا.
واختلف أهل العلم في تفسير العود المذكور على أقوال :
الأول : أنه العزم على الوطء ، وبه قال العراقيون : أبو حنيفة وأصحابه ، وروي عن مالك.
وقيل : هو الوطء نفسه ، وبه قال الحسن. وروي أيضا عن مالك ، وهو أن يمسكها زوجة بعد الظهار مع القدرة على الطلاق ، وبه قال الشافعي.
وقيل : هو الكفارة ، والمعنى أنه لا يستبيح وطأها إلا بكفارة ، وبه قال الليث بن سعد وروي عن أبي حنيفة.
وقيل : هو تكرير الظهار بلفظه ، وبه قال أهل الظاهر.
والظاهر أنها تجزىء أي رقبة كانت.
وقيل : يشترط أن تكون مؤمنة ، كالرقبة في كفارة القتل. وبالأول قال أبو حنيفة وأصحابه ، وبالثاني قال مالك والشافعي واشترطا سلامتها من كل عيب.
(مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا) المراد بالتماس : هنا الجماع ، وبه قال الجمهور ، فلا يجوز للمظاهر الوطء حتى يكفّر.
وقيل : المراد به الاستمتاع بالجماع أو اللمس أو النظر إلى الفرج بشهوة ، وبه قال مالك ، وهو أحد قولي الشافعي.
والإشارة بقوله : (ذلِكُمْ) إلى الحكم المذكور ، وهو مبتدأ وخبره :
(تُوعَظُونَ) : أي تؤمرون (بِهِ) أو تزجرون به عن ارتكاب الظهار. وفيه بيان لما هو المقصود من شرع الكفارة.
قال الزجاج : المعنى ذلكم التغليظ في الكفارة توعظون به ، أي أن غلظ الكفارة وعظ لكم حتى تتركوا الظهار.
(وَاللهُ بِما تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ (٣)) : لا يخفى عليه شيء من أعمالكم فهو مجازيكم عليها.