[الآية الثالثة]
(ما أَفاءَ اللهُ عَلى رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرى فَلِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبى وَالْيَتامى وَالْمَساكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ كَيْ لا يَكُونَ دُولَةً بَيْنَ الْأَغْنِياءِ مِنْكُمْ وَما آتاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَما نَهاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا وَاتَّقُوا اللهَ إِنَّ اللهَ شَدِيدُ الْعِقابِ (٧)) :
(ما أَفاءَ اللهُ عَلى رَسُولِهِ مِنْ) : هذا بيان لمصارف الفيء بعد بيان أنه لرسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم خاصة ، والتكرير لقصد التقرير والتأكيد.
ووضع (مِنْ أَهْلِ الْقُرى) ، موضع قوله : (مِنْهُمْ) للإشعار بأن هذا الحكم لا يختص ببني النضير وحدهم ، بل هو حكم على كل قرية يفتحها رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم صلحا ، ولم يوجف عليها المسلمون بخيل ولا ركاب.
والمراد بالقرى بنو النضير وقريظة وفدك وخيبر.
وقد تكلم أهل العلم في هذه الآية والتي قبلها : هل معناهما متفق أو مختلف؟ فقيل : معناهما متفق كما ذكرنا ، وقيل : مختلف. وفي ذلك كلام لأهل العلم طويل.
قال ابن العربي : لا إشكال في أنها ثلاثة معان في ثلاث آيات :
أما الآية الأولى وهي قوله : (وَما أَفاءَ اللهُ عَلى رَسُولِهِ مِنْهُمْ) فهي خاصة لرسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، خالصة له وهي أموال بني النضير وما كان مثلها.
وأما الآية الثانية وهي : (ما أَفاءَ اللهُ عَلى رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرى) فهذا كلام مبتدأ غير الأول المستحق غير الأول ، وإن اشتركت هي والأولى في أن كل واحدة منهما تضمنت شيئا أفاءه الله على رسوله ، واقتضت الآية الأولى أنه حاصل بغير قتال ، واقتضت آية الأنفال وهي الآية الثالثة أنه حاصل بقتال ، [وعريت] (١) الآية الثانية وهي : (ما أَفاءَ اللهُ عَلى رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرى) عن ذكر حصوله بقتال أو بغير قتال ، فنشأ الخلاف من هاهنا :
فطائفة قالت : هي ملحقة بالأولى وهي مال الصلح.
__________________
(١) وقع في «المطبوعة» (وأعربت) وهو خطأ واضح ، والتصويب من فتح القدير (٥ / ٩٨).