تأنيب (١) منّي في تقصير من قصّر أو طوّل ، ولا تعييب على من أجمل أو فصّل ، بل أقرّ على قريحتي القريحة الجامدة ، وفطنتي الجريحة الخامدة بالقصور والنقصان ، سيمّا في عداد حلبة (٢) فرسان هذا الميدان ، على أنّي أعلم أنّ من تصدّى لتصنيف شيء من الكلام فعليه أن يستعدّ لسهام النقض والإبرام ، بل قيل : قلّما سلم مكثار أو أقيل له عثار ، ومع كلّ ذلك (فَلا أُقْسِمُ بِمَواقِعِ النُّجُومِ وَإِنَّهُ لَقَسَمٌ لَوْ تَعْلَمُونَ عَظِيمٌ) (٣) إنّه مجمع لجوامع العلوم المتعلّقة بالكتاب الكريم ، إذ هو الكافي لتيسير إستبصار تهذيب تبيان مجمع بيانه ، الوافي للوسائل إلى بحار علومه ورياض جنانه ، الصّافي من عيون ينابيع الحكمة ، وبحر حقائق مصباح الشريعة ، الشّافي عن الشّرائع بمحاسن صفات الشّيعة ، الكشّاف عن وجوه عرائس معالم أنوار التنزيل ، الوصّاف لمفاتيح الغيب بلباب نفائس أسرار التأويل ، الجامع لفنون الإرشاد الى نهج البلاغة في إكمال الدّين وإتمام النعمة ، النافع لأصحاب البصائر والإختصاص في كشف الغمّة بمعرفة الأئمّة.
ولم آل جهدا في نقل ما ظفرت به من أخبار أهل البيت الّذين جعلهم الله تعالى خزنة العلم ومهابط الوحي ، ولم أقتصر غالبا على نقل موضع الحاجة حذرا من تقطيع الخبر ، ـ وتفويت الفائدة الّتي سيق لأجلها الأثر.
وسمّيته «الصراط المستقيم في تفسير الكتاب الكريم» والمرجوّ من فضله ورحمته سبحانه أن يمنّ عليّ بلطفه العميم وفيضه الجسيم ، ذلك فضل الله يؤتيه من
__________________
(١) التأنيب : الملامة.
(٢) الحلبة بفتح الحاء جمع حلبات وحلائب : الخيل تجمع للساق ـ المنجد ص ١٤٨ ـ.
(٣) سورة الواقعة : ٧٥ ـ ٧٦.