صلّى الله عليهم لتصرف على سبعين وجها من كلّها المخرج.
ثمّ إنّي قد كنت برهة من الزّمان كثير التوقان إلى بيان شيء ممّا منّ الله الوهّاب المنّان على عبده من معاني هذا القرآن ، فرأيت أنّ الخطب جسيم ، والكتاب كريم والنّبأ عظيم ، فاعتصمت بعروة وثقى ولاية صراطه المستقيم وإنّه في أمّ الكتاب ، لدى الله لعليّ حكيم (١).
وشرعت فيه مع قلّة البضاعة وكثرة الإضاعة ، وقصور الباع (٢) في هذه الصناعة وبذلت جهدي (٣) في استقصاء الأخبار المتعلقة بكلّ آية من الآيات ، والرّجوع مهما أمكن في استيضاح المشكلات والمتشابهات منها الى الأخبار المأثورة عن حجج الله على البريّات ، مع بسط الكلام على حسب مقتضى المقام فيما يتعلّق بها من المعاني اللّغويّة ، والفنون الأدبيّة ، والمقاصد الحكميّة ، والمسائل الفقهيّة ، والاختلافات المذهبيّة ، والأصول الكلاميّة ، والحقائق الربانيّة ، والعلوم النبويّة والإماميّة ، وغير ذلك ممّا يمكن استفادته من الآيات بشيء من الإشارات والدلالات.
ولم أقتصر من ذلك على شيء دون شيء إذ فيه تفصيل كلّ شيء فليأخذ كلّ ناظر فيه بضاعته ، ولا يتعرّض فيما يخالف صناعته ، قد علم كلّ أناس مشربهم ، وفهم أهل كلّ فنّ مطلبهم ، فإنّ الأغراض مختلفة ، والمقاصد متفنّنة من غير
__________________
(١) اقتباس من سورة الزخرف : ٤.
(٢) الباع قد مدّ اليدين يقال طويل الباع ورحب الباع أي كريم مقتدر وقصير الباع وضيق الباع أي بخيل عاجز ـ المنجد ص ٥٤ ـ.
(٣) الجهد بضم الجيم وفتحها وسكون الهاء أي الطاقة والاستطاعة يقال بذل جهده أي طاقته ـ المنجد ص ١٠٦ ـ.