شريعة سيّد المرسلين ، صلىاللهعليهوآله أجمعين ، فرأيتها في القرآن الكريم والذّكر الحكيم ساطعة الأنوار ، عليّة المنار ، جارية الأنهار ، فإنّه هو الكتاب المبين ، والماء المعين ، والحقّ اليقين ، والحبل المتين ، نزل به الرّوح الأمين على قلب سيّد المرسلين ليكون من المنذرين بلسان عربي مبين ، وهو المهيمن على زبر الأوّلين ، المشتمل على علم ما كان وما يكون الى يوم الدّين ، بل أبد الأبدين ، (وَلا رَطْبٍ وَلا يابِسٍ إِلَّا فِي كِتابٍ مُبِينٍ) (١) ، (ما كانَ حَدِيثاً يُفْتَرى وَلكِنْ تَصْدِيقَ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَتَفْصِيلَ كُلِّ شَيْءٍ وَهُدىً وَرَحْمَةً لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ) (٢).
وهو المعجزة الباقية على مرّ الدهور والأعصار الكاشف عن خفيّات الحقائق والأسرار ، إلّا أنّ جهات علومه وفنونه ، ومراتب ظهوره وبطونه لا يطّلع عليها إلّا ـ الرّاسخون في العلم ، الّذين هم كانوا الأئمة المصطفين ، وثاني الثقلين الّذين لا يفترقان أبدا في الكونين ، لأنّهم ورثة الكتاب ، ومفاتيح هذا الباب ، وإليهم الإياب في المبدء والمآب ، وعندهم فصل الخطاب ومنهج الثواب.
فسرّحت كليل طرفيّ (٣) في طرف (٤) من أخبارهم ، وأجريت ظالع حرفي (٥) في حرف من آثارهم ، فرأيت أنّه لا سبيل الى العلم بالكتاب إلّا بالاستضائة من أنوارهم الّتي هي الطريق والمنهج ، وعلمت أنّ الكلمة من آل محمّد
__________________
(١) سورة الانعام : ٥٩.
(٢) سورة يوسف : ١١١.
(٣) الطرف بفتح الطاء وسكون الراء بمعنى العين وكليل طرفي أي ضعيف بصري من قبيل اضافة الصفة الى الموصوف.
(٤) الطرف بفتح الطاء والراء بمعنى الناحية ، وبضم الطاء وفتح الراء جمع الطرفة كغرفة وغرف بمعنى ما يستطرف ويستملح.
(٥) الحرف الأول بمعنى الناقة المزولة وضالع حرفي أي ناقتي المهزولة المثقلة السير.