والمعوجّة في السطوح الموازية لدائرة الأفق أو لنصف النّهار أو للمعدّل أو لأوّل السّماوات أو لغيرها من دوائر السماوات وغيرها ، وعلم وضع الآلات الجيبيّة والكروية والحادثة عن تسطيح الكرة ، وعلم وضع الآلات الرصدية كذات الحلق وذات الثقبتين وذات الشعبتين وغيرها ، وعلم المناظر المتعلّق بالنظر من غير التفات الى الأشعّة ، وعلم المرايا والمحرقة والمتعلّق بالأشعّة من حيث الانعكاس الى غير ذلك من العلوم الكثيرة ، الّتي يستعملها صنّاع الإفرنج ، وغيرهم في صنائعهم العجيبة المبتنية على ملاحظة الحدود والمقادير ، والنسب الهندسيّة بل المتأمّل في صنائع الناس وحرفهم يجد جلّها بل كلّها مبتنية على القواعد المنتهية الى هذا العلم ، بل صنائع أكثر حيوانات العجم من الطيور وغيرها مبنيّة عليه ومن أظهرها الهام النحل لبناء البيوت المسدّسة من غير استعانة بالمسطر والفرجار (١) وغيرهما من الآلات والأدوات.
وذلك انّ البيوت المسدّسة جامعة لخاصيّتين لا يجتمعان معا في غيرها من الأشكال وهما امتلاء الفضاء بها وعدم ضيق الزوايا فتبقى معطّلة ، وذلك ان الأشكال المتماثلة إذا ضمّ بعضها الى بعض فمنها ما لا تملأ العرصة كالمسبّع والمثمّن فصاعدا ، ومنها ما تملأ العرصة لاتّصال بعضها ببعض إلّا انّ زواياه ضيّقة جدّا فتبقى معطّلة كالمثلّث والمربّع ، وأمّا المسدّس فزواياها واسعة لا تتعطّل وإذا ضمّ بعضها الى بعض لا تبقى بينها فرجة زائدة فهي الجامعة لكلتا الخاصيّتين.
وبالجملة فهذه العلوم الإثنى عشر من فروع الهندسة وإن كانت جزئيّاتها لا يمكن استقصائها وجلّها نافعة في جلّ العلوم لو لم ينفع الكلّ في الكلّ سيمّا الفلسفة
__________________
(١) الفرجار بكسر الفاء وسكون الراء البركار والكلمة فارسيّ معرّب.