خصوصا الامام فخر الدين قد ملأ تفسيره بأقوال الحكماء والفلاسفة ، وخرج من شيء إلى شيء حتى يقضي الناظر العجب ، لذا قال أبو حيان في «البحر» : جمع الإمام الرازي في تفسيره أشياء كثيرة طويلة لا حاجة إليها في علم التفسير ، والمبتدع ليس له قصد إلّا تحريف الآيات وتسويتها على مذهبه الفاسد بحيث إنّه كلما لاح له شاردة من بعيد اقتصها ، أو وجد موضعا له فيه أدنى مجال سارع اليه كما نقل عن البلقيني (١) أنه قال : استخرجت من الكشاف اعتزالا بالمناقيش ، والملحد فلا تسئل عن كفره وإلحاده في آيات الله لا فترائه على الله ما لم يقله كقول بعضهم في قوله : (إِنْ هِيَ إِلَّا فِتْنَتُكَ) (٢) : ما على العباد أضرّ من ربهم ، وينسب هذا القول إلى صاحب «قوت القلوب» أبي طالب المكي ، ومن ذلك القبيل الذين يتكلمون في القرآن بلا سند ولا نقل عن السلف ولا رعاية الأصول الشرعية والقواعد العربية كتفسير محمود بن حمزة بن الكرماني (٣) في مجلدين سمّاه العجائب والغرائب ضمّنه أقوالا هي عجائب عند العوام وغرائب عمّا عهد عن السلف أقوال منكرة لا يحل الإعتقاد عليها ولا ذكرها إلّا للتحذير كقوله من قال في (رَبَّنا وَلا تُحَمِّلْنا ما لا طاقَةَ لَنا بِهِ) (٤) : إنّه الحبّ والعشق ، ومن ذلك قولهم في ومن شر غاسق إذا وقب (٥) : انه الذكر إذا قام ،
__________________
(١) هو عمر بن رسلان بن نصير بن صالح القاهري الشافعي سراج الدين البلقيني الحافظ الأديب المفسر المتكلم توفي بالقاهرة سنة (٨٠٥) ه ص ٨٥ ومن مصنفاته حاشية على الكشاف للزمخشري في ثلاث مجلدات ـ الضوء اللّامع ج ١ ـ.
(٢) الأعراف : ١٥٥.
(٣) هو محمود بن حمزة بن نصر الكرماني الشافعي المعروف بتاج القراء ، كان مقرئا مفسرا ، أديبا توفي سنة (٥٠٠) ه من تصانيفه عجائب التأويل في مجلدين.
(٤) سورة البقرة : ٢٨٦.
(٥) الفلق : ٣.