عجائبه ، ولا تبلى غرائبه ، فيه مصابيح الهدى ، ومنار الحكمة ، ودليل على المعرفة لمن عرف الصفة (١) ، وزاد في الكافي : فليجل جال بصره ، وليبلغ الصفة نظره ينج من عطب ويخلص من نشب ، فإنّ التفكر حياة قلب البصير كما يمشي المستنير في الظلمات بالنور فعليكم بحسن التخلّص وقلّة التربص (٢).
قلت : إنّما عبّر (صلىاللهعليهوآلهوسلم) عن الدنيا بدار الهدنة وهي المصالحة والدعة والسكون إذ فيها اختلاط الحق والباطل مع عدم الفصل والتميز التام والتباس كل منهما بالآخر فلا يقصد فيها الاقامة بل السير على وجه السلامة ، ونيل الكرامة ، وهي ما أشار اليه بقوله : إنّه بلاغ إلى الآخرة وانقطاع عن الدنيا ، وما حل مصدّق أي قويّ شديد يصدّق من اتّبعه أو يصدّقه الله تعالى فيمن يشهد له ويشفعه فيمن يشفع فيه ، أو أنه يسعى بصاحبه إلى الله ، أو أنّه خصم مجادل لأعدائه ، مصدّق موافق لأوليائه ، ومن جعله خلفه ، يعني بالمخالفة والإهانه والتكذيب ، والتخوم كالنجوم جمع تخم بفتح المثناة وسكون الخاء المعجمة كفلس وفلوس.
وعن ابن الأعرابي وابن السكّيت أن الواحد تخوم كرسول والجمع تخم كرسل ، وعلى كلّ حال فهو حدّ الأرض وفي القاموس : إنه الفصل بين الأرضين من المعالم والحدود.
وقوله (صلىاللهعليهوآلهوسلم): لمن عرف الصفة : أي صفه التعرّف وكيفية الاستنباط ، كما قيل ، أو أنّه دليل على معرفة الذات لمن عرف الصفات فإنّه لا يمكن معرفته سبحانه إلّا بالصفات التي هي نفس فعله وهو مقام المشيئة وهو الأعراف الذين لا يعرفون الله إلّا بسبيل ولا يتهم ومحبتهم وذلك لأنّ القرآن إنما نزل فيهم وفي
__________________
(١) تفسير العياشي ج ١ ص ٢.
(٢) الأصول من الكافي ج ٢ ص ٥٩٩.