وقبولهم واختيارهم ، كما قال سبحانه : (أَنْزَلَ مِنَ السَّماءِ ماءً فَسالَتْ أَوْدِيَةٌ بِقَدَرِها) (١) وأما قوله عليهالسلام : اقرأ واصعد فكانّ الأمر فيه تكويني وإن كان مستفادا من التشريع بل مقارنا له لتطابق العوالم فالتحقق بحقيقة كلّ آية من الآيات الفرقانية ، أو القرآنية يوجب تجوهر تلك الحقيقة على قدر التحقق بها في المراتب الغير المتناهية إذ به تبلى السرائر وتكشف الضمائر وتجلو الغطاء من البصائر.
وفي «الكافي» بالإسناد عن سعد الخفّاف عن مولينا أبي جعفر (عليهالسلام) أنه قال : يا سعد تعلموا القرآن فإنّ القرآن يأتي يوم القيامة في أحسن صورة نظر اليه الخلق والناس صفوف عشرون ومأة ألف صف ثمانون ألف صفّ أمة محمد (صلىاللهعليهوآلهوسلم) وأربعون الف صفّ من ساير الأمم فيأتي على صفّ المسلمين في صورة رجل فيسلم فينظرون اليه ثم يقولون : لا إله إلّا الله الحليم الكريم إنّ هذا الرجل من المسلمين نعرفه بنعته وصفته غير أنه كان أشد اجتهادا منّا في القرآن فمن هناك أعطى من البهاء والجمال والنور ما لم نعطه ثم يجاوز حتى يأتي على صفّ الشهداء فينظر إليه الشهداء ثم يقولون : لا إله إلّا الله الرب الرحيم إنّ هذا الرجل من الشهداء نعرفه بسمته وصفته غير أنّه من شهداء البحر في صورة شهيد فينظر اليه شهداء البحر فيكثر تعجبهم ويقولون : إنّ هذا من شهداء البحر نعرفه بسمته وصفته غير ان الجزيرة التي أصيب فيها كان أعظم هولا من الجزيرة التي أصبنا فيها فمن هناك أعطى من البهاء والجمال والنور ما لم نعطه ، ثم يجاوز حتى يأتي صف النبيين والمرسلين في صورة نبي مرسل فينظر النبيون والمرسلون إليه فيشتدّ لذلك تعجبهم
__________________
(١) الرعد : ١٧.