الكرامات ورفع الدرجات حسبما نشير اليه ، وأمّا تمثّله يوم القيامة ومجيئه في أحسن صورة نظر اليه الخلق فلتجوهر الحقائق وتجّسم الأعمال ولذا يتجلى بأحسن صورة غير أنّ الخلايق لا يقدرون على رؤيته على الصورة التي له في نفسه لقصور أنظارهم وكلال أبصارهم وإنّما يراه كل أحد بأحسن ما هو عنده من نظره واعتقاده على حسبما كانوا يتعلّمونه ويتلونه في الدنيا ، ولذا يترائي لكل من مأة الناس والشهداء والأنبياء والملائكة على صوره أحسنهم وأشرفهم وأفضلهم فإنّهم لما آنسوا به أظمئوا هواجرهم وأسهروا لياليهم بتلاوته بل تخلّقوا بأخلاقه وتحقّقوا ببعض حقائقه عرفوه بنعته وصفته فهم لأنسهم بما يناسبه من المعارف والحقائق يعرفونه ويأنسون به ويستبشرون برؤيته وإن كانوا لا يعرفونه حقّ معرفته لقصورهم عن إدراك درجته ومرتبته لأنّهم لم يتلوه حق تلاوته وقد يقال : إنه لما كان المؤمن في نيته أن يعبد الله حقّ عبادته ويتلو كتابه حقّ تلاوته إلّا أنه لا يتيسر له ذلك كما يريد.
وبالجملة لا يوافق عمله ما في نيته ، كما ورد في الحديث : نيّة المؤمن خير من عمله (١) فالقرآن يتجلّى لكل طائفة بصورة من جنسهم إلّا انه أحسن في الجمال والبهاء وهي الصورة التي لو كانوا يأتون بما في نيتهم من العمل بالقرآن لكان لهم تلك الصورة ، وإنّما لا يعرفونه بنعته ووصفه ، لأنّهم كانوا يتلونه ، وإنّما وصفوا الله بالحلم والكرم والرحمة حين رؤيتهم لما رأو في أنفسهم في جنبه من النقص والقصور الناشيين من تقصيرهم ، ولذا يرجون من الله العفو والكرم والرحمة.
__________________
(١) مشهور بين الفريقين وقيل في معناه وجوه واحتمالات كما في أمالي السيد المرتضى ومشكلات العلوم للنراقي وغيرهما.