فينطلق به إلى رب العزة ـ تبارك وتعالى ـ فيقول : يا رب عبدك وأنت أعلم به قد كان نصبا بي مواظبا عليّ يعادي بسبي ويحب في فيقول الله ـ عزوجل ـ أدخلوا عبدي جنّتي وأكسوه حلّة من حلل الجنة وتوجوه بتاج ، فاذا فعل به ذلك عرض على القرآن فيقال له : هل رضيت بما صنع بوليك؟ فيقول : يا رب أستقلّ هذا له فزده مزيد الخير كله فيقول : وعزّتي وجلالي وعلوي وارتفاع مكاني لأنحلنّ له اليوم خمسة أشياء مع المزيد له ولمن كان بمنزلته الا إنّهم شباب لا يهرمون ، وأصحاء لا يسقمون وأغنياء لا يفتقرون ، وفرحون لا يحزنون ، واحياء لا يموتون ، ثمّ تلا هذه الآية (لا يَذُوقُونَ فِيهَا الْمَوْتَ إِلَّا الْمَوْتَةَ الْأُولى) (١) قلت : جعلت فداك يا أبا جعفر وهل يتكلّم القرآن؟ فتبسم ثمّ قال : رحم الله الضعفاء من شيعتنا إنّهم أهل تسليم ، ثم قال : نعم يا سعد والصلاة تتكلّم ولها صوره وخلق تأمر وتنهي ، قال وتغير لذلك لوني وقلت : هذا شيء لا أستطيع أتكلم به في الناس ، فقال أبو جعفر عليهالسلام : وهل الناس إلّا شيعتنا فمن لم يعرف بالصلاة فقد أنكر حقنا ثم قال عليهالسلام : يا سعد أسمعك كلام القرآن؟ قال سعد : فقلت : بلى صلّى الله عليك فقال عليهالسلام إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر ولذكر الله أكبر فالنهى كلام ، والفحشاء والمنكر رجال ونحن ذكر الله ونحن أكبر (٢).
اعلم ان التعلم المأمور به في هذا الخبر وغيره من الأخبار يشمل تعلم ألفاظه ونقوشه ومعانيه ، وظواهره وبطونه ، والتحقق بحقايقه ، والتخلّق بأخلاقه ، وامتثال أوامره ونواهيه ، فان جميع ذلك داخل تحت صدق التعلم الذي له عرض عريض وان كانت أفراده مختلفة بحسب المراتب والدرجات التي يترتب عليها نيل
__________________
(١) الدخان : ٥٦.
(٢) الأصول من الكافي ج ٢ ص ٥٩٦.