وأما حكاية الاشتراك اللفظي فيتضح بعدم معقوليّة أحد المعنيين.
رابعها ما ذكره الأحسائي في بيان مرادهم بالكلام النفسي قال : ما حاصله أنّ الذي يظهر ليّ أن الأشاعرة أشاروا إلى معنى لو كان ذلك في حقّ الحادث لكان صحيحا ولكن بطلان قولهم لا من حيث إنّه غير معقول بل هو معقول معروف ألّلهم إلّا أنهم عجزوا عن التعبير عن مرادهم بعبارة تدلّ عليه فلعجز الأشعري عن التعبير كان المفهوم من كلامه غير معقول ، والعبارة الدالّة على مرادهم هو أنّ النفس لها كلام مثل كلام اللّسان بحروف وأصوات إلّا أنها نفسيّة ، فالنفس تخاطب مثال غيرها وتأمره وتنهاه وتطلب منه وكذلك مثالها ، وهو قولهم : مثل حديث النفس لأنّ النفس قد تحدّث نفسها ، وتحدّث غيرها بكلام مشتمل على كلمات لفظية وحروف صوتية مثل الكلام المسموع بالأذان إلّا أنه نفسي لا جسماني ، فالكلام النفسي مثل الكلام اللفظي في جميع ما يعتبر فيه من الترتيب والإعراب والوقوف والوصل والإدغام والإظهار والجهر والإخفات والجهر والهمس وجميع ما يعتبر في اللفظي على جهة الوجوب والندب وما هو عليه من الأمر والنهي ، ومن أساليب الكلام ولمّا عجزوا عن التعبير عن الكلام بما هو عليه نفوا من الكلام النفسي ما لا يتفق الكلام إلّا به ، فقالوا : هو ليس بحرف ولا صوت ولا أمر ولا نهي ولا خبر ولا استخبار ، ولا شيء من أساليب الكلام ، ولكنّه معنى قائم بالنفس يعبّر عنه بالعبارات المختلفة المتغايرة إلى أن مثّل له بقوله مثلا يتصور زيدا وهذه الصورة من العلم ثم يقول له : هل مضيت السوق أمس؟ فتقول : صورة زيد : بلى ، فيقول له : هل اشتريت الثوب الفلاني لعمرو؟ فتقول : لا ، فيقول له : لم تركت وقد أمرتك ، اذهب عني فإنّك قد عصيتني وخالفت أمري ، فيقول : مثال زيد اعف عني وأمتثل أمرك بعد هذا ، ولا أعصي لك أمرا ، فيغضب ، ولا يعفو حتى تظهر على الجسد صورة