الغضب من إحمرار الوجه والرعد يده لشدّة العزم على الانتقام ، أو يرضى ويعفو حتى تظهر على ظاهره صورة الرضا والسكون والطمأنينة ، فيظهر أثره على ظاهر الشخص المتكلم في نفسه مع صورة زيد ومثاله كما يظهر أثر الكلام اللفظي المعروف على ظاهر المتكلم وليس شيء من هذا بعلم وإنّما هو كلام وهذا ظاهر لمن فهم ما قلته.
ولكن الأشاعرة ما قدروا على التعبير عمّا أرادوا كما سمعت فانه شيء معقول صحيح ألا تسمعهم يقولون : إنه تعالى يخاطب المعدوم ويأمره وينهاه لأنه تعالى يمثل ذلك يستحضر صورتها ويخاطبها إلى آخر ما ذكره.
أقول : هذا المعنى وإن كان معقولا في نفسه متصورا بل محكوما عليه بأحكام كثيرة ولو غير شرعية بالنسبة إلينا إلّا أنّ أصحاب هذا القول الذين هم أعرف بمراد شيخهم بل ولا مخالفيهم لم يشيروا إلى ارادة هذا المعنى في المقام ، وإن لم يجر كلامهم على مصبّ واحد ، نعم ربما أطلقوا القول بأنّ المراد بمعنى اللفظ ، بل لعل في بعض الشواهد المتقدمة كقول الأخطل وعمر وغيرهما إشعارا به ، بل يمكن بإمكان غير بعيد أن يكون ذلك هو مراد الأشعري وإن لم يعبّر عنه هو ولا أحد ممن تبعه على ما هو عليه نعم ما حكاه عنهم بقوله هو ليس بحرف ولا صوت إلخ ، لا ينطبق عليه تمام الانطباق.
وعلى كلّ حال فقد فرغنا عن تنزيهه سبحانه عن مثل تلك الخواطر النفسانية والهواجس الذهنية وأثبتنا في الأصول الكلامية أنّ هذا كله من العوارض الإمكانية التي هي دليل النقصان ولا يتّصف سبحانه به ولا بالصفات الزائدة التي أثبتوها تكميلا للذات ، مضافا إلى أنّ الكلام النفسي على هذا الوجه إن كان بالألفاظ المتخيّلة المتردّدة في الذهن فلا بدّ أن يكون بشيء من اللغات من العربية