على تفسيره وكشف المراد منه في قضيّة التحكيم بقوله عليهالسلام : «هذا القرآن إنّما هو خطّ مسطور بين الدفّتين لا ينطق بلسان ، ولا بدّ له من ترجمان ، وإنّما ينطق عنه الرجال» (١).
فالقرآن مرشد صامت ، وإنّما ينطق عنه لسان الناطقين ، فهو حاكم محتاج يحتاج إلى ترجمان ، فلا بّد أن يقوم الرجال العارفون بالمراد من هذه الخطوط ببيانه والكشف عنه ويسمّى هذا الكشف والبيان تفسيرا.
قال الطريحي (٢) : التفسير في اللّغة كشف معنى اللفظ وإظهاره ، مأخوذ من الفسر وهو مقلوب السفر ، يقال : أسفرت المرأة عن وجهها إذا كشفته.
قال صاحب المناهل في بيان الحاجة إلى التفسير ما ملّخصه :
القرآن إنّما نزل بلسان عربيّ مبين في زمن أفصح العرب ، فكانوا يعلمون ظواهره وأحكامه ، وأمّا دقائقه فلا تظهر لهم إلّا بعد البحث والنظر وسؤالهم مثل قولهم : «وأيّنا لم يظلم نفسه»؟ حينما نزل قوله تعالى : (الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمانَهُمْ بِظُلْمٍ) (٣) ففسّره النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم بالشرك ، واستدلّ بقوله سبحانه : (إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ) (٤) فأول من فسّر القرآن هو رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، ثمّ صحابته الذين تعلّموا القرآن ودقائقه منه صلىاللهعليهوآله وأفضلهم وأعلمهم هو مولانا وسيّدنا علي بن أبي طالب عليهالسلام لأنّه كان
__________________
(١) البحار ج ٣٣ / ٣٧٠ ح ٦٠٢.
(٢) الطريحي : فخر الدين بن محمّد بن عليّ بن أحمد بن طريح الرماح النجفي المتوفّى سنة (١٠٨٥) ه له مصنّفات منها «مجمع البحرين» في تفسير غريب القرآن والحديث.
(٣) سورة الأنعام : ٨٢.
(٤) سورة لقمان : ١٣.