لها قبل البدء بها لكيلا يفوته شيء منها. وقد جعلت العرب منه هاء التنبيه ، وأداة الاستفتاح ، فأي غرابة في أن يزيد عليها القرآن الذي بلغ حدّ الإعجاز في البلاغة ، وحسن البيان. ويجب أن يكون الإمام المقتدى ، كما أنّه هو الإمام في الإصلاح والهدى؟! ومنه ما يقع في أثناء الخطاب من رفع الصوت ، وتكييفه بما تقتضيه الحال من صيحة التخويف والزجر ، أو غنّة الاسترحام والعطف ، أو رنة النعي وإثارة الحزن ، أو نغمة التشويق والشجو ، أو هيعة الاستصراخ عند الفزع ، أو صخب التهويش وقت الجدل ، ومنه الاستعانة بالإشارات ، وتصوير المعاني بالحركات ، ومنه كتابة بعض الكلمات أو الجمل بحروف كبيرة ، أو وضع خط فوقها أو تحتها» (١).
ولنا القول : بالتوافق بين حكمة التنبيه ، وحكمة أسرار القرآن ؛ حيث إنّ التنبيه القرآني بمثل حروف التهجي هذه سرّ من أسرار إعجازه في مخاطبته لأهل مكّة من المشركين ، أو لأهل المدينة من أهل الكتاب.
__________________
(١) محمد رشيد رضا ـ تفسير المنار ـ ج ٨ ـ ص ٢٩٩.