بحروفه ، وحيث يقول الخليفة الصديق : «في كلّ كتاب سرّ ، وسرّه في القرآن أوائل السور» (١).
وحيث يقول الإمام علي بن أبي طالب «كرم الله وجهه» : «إنّ لكلّ كتاب صفوة ، وصفوة هذا الكتاب حروف التهجي» (٢).
وحيث نقل عن ابن مسعود ، والخلفاء الراشدين : «إنّ هذه الحروف علم مستور ، وسرّ محجوب استأثر الله بها» (٣).
واستنادا بالأخذ بهذا المعنى فله دلالته السليمة ، والممتدة وإلى قيام الساعة ، حيث ومهما تعددت التفاسير للحروف فهي على ضعف سندها لا تقوى على مناقشة أو الحط من قوة معنى الاستدلال بالحروف على أنّها سرّ هذا القرآن المعجز للبشرية دوما.
وأمّا بالنسبة للمعنى السابع : فلا يزال القرآن ، وسيظل الكتاب المعجز بتنبيهاته للنّاس إلى قيام الساعة ، فهو في كلّ لحظة ، وفي كلّ آية ، وفي كل سورة ، بل وفي كل تلاوة منبّه ، ومؤثر ، وحافز ، تزداد تنبيهاته حدّة ، وأثرا ، وتأثيرا ، بسماع أو بتلاوة حروف التهجي التي تفتتح بها بعض السور ناقلا المرء إلى ملكوت الروحانية مفكرا ، ومتأملا ، ومتّعظا ، وثمّ واعيا لما يسمع ، أو يتلو.
ولعل قول الإمام المفسر رشيد رضا في هذا المعنى ما يعطي المقصود حقه حيث يقول : «من حسن البيان ، وبلاغة التعبير ، التي غايتها إفهام المراد مع الإقناع ، والتأثير أن ينبه المتكلم المخاطب إلى مهمات كلامه والمقاصد الأولى بها ، ويحرص على أن يحيط علمه بما يريده هو منها ، ويجتهد في إنزالها من نفسه في أفضل منازلها ، ومن ذلك التنبيه
__________________
(١) محمد رشيد رضا ـ تفسير المنار ـ ج ٨ ـ ص ٣٠٢.
(٢) محمد رشيد رضا ـ تفسير المنار ـ ج ٨ ـ ص ٣٠٢.
(٣) محمد رشيد رضا ـ تفسير المنار ـ ج ٨ ـ ص ٣٠٢.