إلى وجود ترجمات عديدة للقرآن الكريم ، ومع مرور الوقت سيذهب عنها اسم الترجمة ، وتبقى كلمة أو اسم القرآن وحده علما عليها ؛ فيصبح عند النّاس اعتقاد على مدى الأزمان ، والأجيال أنّ هذا هو القرآن الأصيل ، وليس المترجم ، وبالتالي تصبح عند الناس كتب قرآن عديدة ، فيكون هناك قرآن بالإنجليزية ، وآخر بالفرنسية ، وآخر بالألمانية ، وآخر بالروسية ... الخ وبالتالي يتعدد القرآن بتعدد اللغات ، والشعوب ، وينتهي مصيره إلى ما آلت إليه الكتب السماوية الأخرى من حيث التعدد : كالتوراة ، والإنجيل. وهذا يعني في نهاية الأمر ضياع القرآن الإلهي العربي ، وبانصراف النّاس إلى الترجمات الحرفية له اعتقادا منهم أنّها قرآن رباني ، وكتاب سماوي.
التعليل الثامن : إنّ الترجمة الحرفية للقرآن تستلزم تفكك ، وانهيار وحدة المجتمع الإسلامي ، وهذا ممنوع شرعا ، وغير جائز تحققه ، وحرام وقوعه ، وذلك لأنّ وجود ترجمات متعددة للقرآن الكريم يؤدي بلا شك إلى ضياع الأصل أولا ، ومن ثم إلى اختلاف المسلمين ، وتخطئة بعضهم البعض ثانيا كلّ يتعصب إلى قرآنه ، فتتفكك أواصر وحدة الأمة الإسلامية ، ويدب الشقاق ، والخلاف بينهم ، ويتفرقون كما تفرق اليهود ، والنصارى ، كلّ ذلك لأنّهم فقدوا أهم عناصر الوحدة بينهم ، الجامع لهم في لغتهم ، ودينهم ، ومبدأهم ، ومنهجهم ، ألا وهو القرآن الكريم. ونزيد الأمر وضوحا فنقول : ولنا في قرآننا ، العظة والعبرة ، وفي سنتنا الهداية الحقة ، وفي تاريخنا التذكر ، والشهادة ، ويوم أن كان القرآن دستورنا ، والسّنة النبوية طريقنا ، واللغة العربية علمنا ، وأدبنا ، أكرمنا الله بعزته ، ونصره ، وهدانا إلى صراطه ، وحقه ، ووازرنا بنصره ، وعونه ؛ فسدنا العالم ، وغمرناه هداية ، ونورا ، وعلما.
ويوم أن تخلينا عن قرآننا ، وسنتنا ، ولغتنا ، ساءت أحوالنا ، وتفككت أواصر وحدتنا ، وضعفت هيبتنا ، فما بالك لو اقتنعنا باستبدال قرآننا العربي الأصيل بترجمة حرفية دخيلة ، ولو باركنا ترك كلام ربنا العربي المعجز المتعبد بتلاوته بكلام بشري وضعي فاقد لكلّ أسس