هؤلاء الناس يعجزون أن يأتوا بمثل أساليب بعضهم البعض؟!! وعند ما يعجزون عن الإتيان بمثل القرآن يسميه إعجازا ، أو إفحاما؟!! ويتساءلون أيضا : إذا كان اختلاف الأساليب البشرية في نكاتها البلاغية ، وفصاحتها التعبيرية ، وألفاظها البيانية ، لا يدل أبدا على قدسيتها ، ولا يوصلها إلى المقامات الإعجازية ، أو أنّها من صنع إلهي أو أنّها أساليب إلهية؟ فلما ذا إذن ـ والتساؤل لهم ـ تعتبرون أسلوب القرآن إلهيا؟! وهو من جملة الأساليب البشرية الأخرى ، ويشترك معها في خصائصها ، وسماتها البيانية والبلاغية ، والتعبيرية؟!. وكذلك وكما أن عجز المرء عن أن يأتي بأسلوب يشبه أسلوب غيره لا يعتبر دليلا على قدسية هذا الأسلوب الأخير. فكذلك فإنّ عجز النّاس عن أن يأتوا بمثل أساليب القرآن يجب ألّا يعتبر هذا العجز دليلا على قدسية القرآن ، وبأساليبه!!! وأصحاب هذه الشبهة يريدون أن يصلوا إلى أمرين : الأوّل : أن القرآن ليس من عند الله ، وإنّما هو من صنع محمد «صلىاللهعليهوآلهوسلم» ، وهو إنسان بشري ـ الثاني ـ أن كلام القرآن ليس معجزا ، وأنّ تحديه للناس أن يأتوا بمثله ليس بدليل على إعجازه ، ولو فشلوا.
تفنيد هذه الشبهة :
أولا : إنّ منطلق هذه الشبهة أساسه خاطئ. وما بني على خطأ فهو خطأ ، ويقود إلى الخطأ. فهم ـ أي أصحاب هذه الشبهة ـ ينطلقون من أمر خاطئ يسلمون به ، وهو أمر غير مسلّم به ، وهو أن القرآن ليس إليها ، وأنّه من تأليف بشر هو محمد «صلىاللهعليهوآلهوسلم» ، ودون أن يثبتوا ذلك ، ودون أن يقدموا ولو دليلا واحدا على صدق دعواهم والخطأ الثاني الذي ارتكبوه في تأييد شبهتهم أنّهم أجروا مقارنة بين القرآن الإلهي ، وبين الكلام البشري عند كلامهم عن أساليب التعبير ، والبلاغة ، والبيان. فكانت مقارناتهم ، وكانت مزاعمهم واهية لم تسعفهم البتة في تأييد شبهتهم ، وتأكيد صحتها. فقد انطلقوا من فرضيات خاطئة لا يوافقهم عليها أحد ثمّ أجروا مناقشاتهم بناء عليها.