المبرز ، وتجد المساوي المتكافئ ، وتجد اللاحق المتخلف ؛ دون أن يكون اختلاف طرقهم فادحا فيما يكون بينهم من هذا التفاضل ، أو التكامل ، أو التماثل. وهكذا تراهم ، وهم مختلفون في المنازل ، يقع بينهم التماثل كما يقع بينهم التفاضل. ويعرف هذا بنسبة ما قطعه كل منهم من طريقه إلى ذلك الهدف المشترك. وكذلك المتنافسون في حلبة البيان ، يختار كل واحد منهم طريقته الخاصة به ، والتي يرضاها لنفسه ، ويستريح لها ، وتتناسب مع استعداده الفطري ، والأدبي للوصول إلى غايته المنشودة في عالم البيان. ثمّ يقع بينهم التفاوت ، والتفاضل ، والتعادل ؛ وذلك بمقدار مواهبهم البيانية ، وقدراتهم البلاغية ، وبمقدار وفائهم لخصائص البيان ، أو نقصهم منها. فالمدعوون إلى معارضة القرآن : فمنهم الأكفاء ، والأنداد في عالم البيان للرسول «صلىاللهعليهوآلهوسلم» ؛ ومنهم الأكفاء منه ، ويسبقونه بيانا ، وفصاحة ، ومنهم الأدنى منه.
فالمدعوون الأنداد للرسول «صلىاللهعليهوآلهوسلم» سيأتون بشيء أو بمثل ما جاء به. والمدعوون الأكفاء منه سيأتون بأعلى مما جاء به ، والأدنى منه ، فلن يشق عليهم ، ولن يكبر عليهم أن يأتوا بقريب مما جاء به أو بشيء من مثله ؛ ومع احتفاظ كل منهم بنمطه في الكلام ، ونمطه في البيان ، وأسلوبه في المخاطبة. ولكن شيئا من هذه المراتب الثلاث لم يتم ، ولم يحصل ، ولم يتحقق ، وإلّا لبطل التحدي ، ولفشل الإعجاز. فالعرب بشعرائهم وفصحائهم ، وأدبائهم ، ومن مختلف المستويات البيانية ، بشعرائهم وفصحائهم ، وأدبائهم ، ومن مختلف المستويات البيانية ، والبلاغية ، واللغوية ، والنحوية ، لم يستطيعوا أبدا أن يأتوا بأعلى منه ، أو بمثله ، أو بما يقاربه. لا بالنسبة إليه كله ، وكان كله النازل منه عند ما تحدّاهم فقط ثمان وأربعين سورة. فتحداهم أن يأتوا بمثله ، ففشلوا ـ مصداق قوله تعالى : (فَلْيَأْتُوا بِحَدِيثٍ مِثْلِهِ إِنْ كانُوا صادِقِينَ) سورة الطور آية ٣٤.
ولم يستطيعوا بالنسبة لعشر سور من مثله. مصداق قوله تعالى : (أَمْ يَقُولُونَ افْتَراهُ قُلْ فَأْتُوا بِعَشْرِ سُوَرٍ مِثْلِهِ مُفْتَرَياتٍ وَادْعُوا مَنِ اسْتَطَعْتُمْ مِنْ