عَلى أَنْفُسِكُمْ أَوِ الْوالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ إِنْ يَكُنْ غَنِيًّا أَوْ فَقِيراً فَاللهُ أَوْلى بِهِما فَلا تَتَّبِعُوا الْهَوى أَنْ تَعْدِلُوا وَإِنْ تَلْوُوا أَوْ تُعْرِضُوا فَإِنَّ اللهَ كانَ بِما تَعْمَلُونَ خَبِيراً) (١).
الشبهة العاشرة :
إن القرآن غير معجز في غيبياته. ودليل ذلك أننا لم نر الله جهرة. ولم يثبت أن هناك غيبا وراء المادة ، ونزل منها قرآن ، أو علم ، أو دين ، أو عقيدة ، أو شريعة. وما جاء به محمد من غيبيّات إنما هو من قبيل الاستنباط ، والتوقع ، فضلا عما أخذه وتلقاه من أهل الكتاب حيث كتبهم ملأى بمثل تلك الغيبيات.
تفنيد هذه الشبهة :
أولا : إن الإعجاز الغيبي للقرآن كغيره من أنواع الإعجاز الأخرى كالبياني ، والعلمي ، لا يتوقف ثبوته على رؤية الله ؛ وإنما على رؤية آياته. وآياته العديدة نحس بها ، ونراها ، ونعيشها في كل لحظات حياتنا. والإيمان بها يقود لا محالة إلى الإيمان بالله ، ووجوده دون أن نراه. وهذه حكمة الله في خلقه أن حجب ذاته عنهم ، ولكن سخر آياته الدالة عليه لهم. فسواء في الآفاق ، أو الأنفس ، أو السموات ، أو الأرض ، أو الليل ، أو النهار ، أو الدواب ، أو الثمر ... الخ. قال تعالى : (سَنُرِيهِمْ آياتِنا فِي الْآفاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ) سورة فصلت آية ٥٣. وقال تعالى : (وَفِي الْأَرْضِ آياتٌ لِلْمُوقِنِينَ) سورة الذاريات آية ٢٠. وقال تعالى : (وَفِي أَنْفُسِكُمْ أَفَلا تُبْصِرُونَ) سورة الذاريات آية ٢١.
وقال تعالى : (إِنَّ فِي خَلْقِ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلافِ اللَّيْلِ وَالنَّهارِ لَآياتٍ لِأُولِي الْأَلْبابِ) سورة آل عمران آية ١٩٠.
__________________
(١) سورة النساء ، آية ١٣٥.