وهكذا فإنّ حقيقة الإعجاز الغيبي الإلهي تناولت شواهد العبودية لله تعالى وحده ، فكانت دعوة الأنبياء ، والرسل نافين عن أنفسهم صفة العلم بالغيب ناسبين إيّاه إلى الله تعالى وحده علّام الغيوب ، وكما ورد في القرآن الكريم على لسان النبي عيسى «عليهالسلام».
قال تعالى : (تَعْلَمُ ما فِي نَفْسِي وَلا أَعْلَمُ ما فِي نَفْسِكَ إِنَّكَ أَنْتَ عَلَّامُ الْغُيُوبِ) سورة المائدة آية ١١٦.
وقد أفاض قرآننا الكريم في تأصيله لأحقّية نسبة العلم إلى خالقه ، قال تعالى : (أَلَمْ أَقُلْ لَكُمْ إِنِّي أَعْلَمُ غَيْبَ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَأَعْلَمُ ما تُبْدُونَ وَما كُنْتُمْ تَكْتُمُونَ) سورة البقرة آية ٣٣.
والقرآن ، وبغيبياته الماضية ، والحاضرة ، والمستقبلية ، يؤكد أحقية نسبته وبالحق في نزوله إلى الله تعالى صاحب تلك الغيبيات ، والمخبر عنها.
قال تعالى : (وَبِالْحَقِّ أَنْزَلْناهُ وَبِالْحَقِّ نَزَلَ) سورة الإسراء آية ١٠٥.
وقال تعالى : (إِنَّا أَنْزَلْنا إِلَيْكَ الْكِتابَ بِالْحَقِّ فَاعْبُدِ اللهَ مُخْلِصاً لَهُ الدِّينَ) سورة الزمر آية ٢.
وقال تعالى : (إِنَّا أَنْزَلْنا عَلَيْكَ الْكِتابَ لِلنَّاسِ بِالْحَقِّ فَمَنِ اهْتَدى فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ ضَلَّ فَإِنَّما يَضِلُّ عَلَيْها وَما أَنْتَ عَلَيْهِمْ بِوَكِيلٍ) سورة الزمر آية ٤١.
ويكمن سر الإعجاز الغيبي للقرآن الكريم في أنّه وقع كما أخبر. فما وقع في الماضي صدّقه التاريخ ، وما وقع من غيب الحاضر صدّقه ما جاء به الأنبياء ، وما كشفت عنه التجارب ، والعلوم ، وما يقع من غيب المستقبل يصدقه الزمن.
وتحقيقا للفائدة رأينا مناقشة موضوع الإعجاز الغيبي للقرآن ضمن ثلاث حقائق.