والنجاح الخارق في البداية للكثيرين ـ وهم يرون أنهم يسيرون تجاه نتائج مرضية ـ أن يتنبئوا بنتيجة معينة بكل يقين ، ولكن الزمن يبطل هذه الدعاوى ، ويكذبها دائما .. والزمن نفسه هو الذي أثبت صحة ما جاء في القرآن من التنبؤات في حين أنها جميعا جاءت في أحوال غير مواتية ، أن هذه التنبؤات ـ وقد وقعت فعلا على ما يحدثنا التاريخ ـ تجعل علومنا المادية حائرة عند تفسيرها. وما دمنا ندرسها في ضوء علومنا المادية ، فلن نستطيع إدراك حقائقها ، إلا أن ننسبها إلى مصدر غير بشري.
* * *
كان نابليون بونابرت من أعظم قواد الجيوش في عصره ، وقد دلت فتوحاته الأولى على أنّه سوف يكون ندا لقيصر ، والإسكندر المقدوني. وترتب على ذلك أن وجد الغرور منفذه إلى رأس نابليون ، فأصبح يتوهم أنّه هو مالك القدر. وازداد هذا الشعور لديه ، حتى أنّه ترك مستشاريه ، وادعى أنه لم يكتب في قدره غير الغلبة الكاملة على من في الأرض. ولكنا جميعا نعرف النهاية التي كتبت له في لوح القدر.
سار نابليون من باريس يوم ١٢ من يونية ، سنة ١٨١٥ ، مع جحفله العظيم ، ليقضي على أعدائه ، وهم في الطريق. ولم تمض غير ستة أيام حتى ألحق «دوق ولنجتون» شر هزيمة بجيش نابليون الجبار ، في «ووترلو» بأراضي بلجيكا. وكان «الدوق» يقود جنود انجلترا ، وألمانيا ، وهولندا. ولما يئس نابليون ، وأيقن من مصيره المحتوم ، فر هاربا من القيادة الفرنسية متوجها إلى أمريكا. ولم يكد يصل إلى الشاطئ حتى ألقت شرطة السواحل القبض عليه ، وأرغمته على ركوب سفينة تابعة للبحرية البريطانية ، وانتهى به القدر إلى أن أرسل إلى جزيرة غير معمورة في جنوب الأطلنطي ، هي جزيرة «سانت هيلينا». ومات القائد العسكري في هذه الجزيرة بعد سنوات طويلة من البؤس ، والشقاء ، والوحدة ، في ٥ مايو سنة ١٨٢١.
والبيان الشيوعي المعروف ، الذي صدر سنة ١٨٤٨ ، تنبأ بأن أول