أنّ القرآن الكريم لم ينص على إقامة الدولة ، ولم يجعلها ركنا ، أو أصلا من أصول الدين. والقرآن الكريم لم يتكلم عن الرسول «صلىاللهعليهوآلهوسلم» كرئيس دولة ، أو ملك ، أو زعيم ، أو رجل سياسة ، وإنما ذكره كنبي ، ورسول ، أي رجل دين. ومنطلق أصحاب هذه الشبهة هو ما أثاره المرحوم الشيخ علي عبد الرزاق من ١٨٨٧ م ـ ١٩٦٦ م في كتابه «الإسلام ، وأصول الحكم» ، ومن حمل لواءه من بعده من الإعلاميين أمثال دكتور محمد أحمد خلف الله ، وسلامة موسى ، وغيرهم ، من أن الرسول محمدا «صلىاللهعليهوآلهوسلم» لم يكن ملكا ، أو مؤسس دولة ، أو رئيسا لدولة.
ولقد ذكر الشيخ علي عبد الرزاق في كتابه «الإسلام وأصول الحكم» الذي أصدره في آبريل سنة ١٩٢٥ م «أنّ محمدا «صلىاللهعليهوآلهوسلم» ما كان إلّا رسولا لدعوة دينية خالصة للدين ، لا تشوبها نزعة ملك ، ولا حكومة. وأنّه «صلىاللهعليهوآلهوسلم» لم يقم بتأسيس مملكة بالمعنى الذي يفهم سياسة من هذه الكلمة ، ومرادفاتها. ما كان إلّا رسولا كإخوانه الخالين من الرسل ؛ وما كان ملكا ، ولا مؤسس دولة ، ولا داعيا إلى ملك» (١). وذكر دكتور محمد أحمد خلف الله كبير العلمانيين في هذا العصر ، وفي مقال له بعنوان : «النص والاجتهاد ، والحكم في الإسلام» نشره في مجلة العربي الكويتية ما نصه : «إن القرآن الكريم لم يجعل النبي العربي محمد بن عبد الله ـ عليه الصلاة والسلام ـ ملكا ، أو رئيس دولة. وظل ينعته بالنبي الرسول ، وليس من حقنا بأي حال من الأحوال أن نلتزم بغير ما جاء به القرآن الكريم ، ونستبدله بغيره. لم يكن نبي الإسلام في أي وقت من الأوقات ملكا ، أو رئيس دولة ، وإنما ظل دائما النبي الرسول» (٢).
وذكر سلامة موسى في كتابه : «اليوم والغد» الذي نشره سنة
__________________
(١) علي عبد الرزاق. كتاب : الإسلام وأصول الحكم. طبعة بيروت. سنة ١٩٧٢ م. ص ١٥٤.
(٢) د. محمد أحمد خلف الله : مقاله في مجلة العربي الكويتية. عدد ٣٠٧ رمضان سنة ١٤٠٤ ه. يونيو سنة ١٩٨٤. ص ٤٣.