١٩٧٩ م ما يفيد بإنكاره للدين ، وعلاقته بالدولة ، وبأنّ الرابطة الدينية أصلها كاذب. وجاء قوله بالحرف الواحد : «إذا كانت الرابطة الشرقية سخافة ؛ لأنّها تقوم على أصل كاذب ، فإن الرابطة الدينية وقاحة. فإننا أبناء القرن العشرين أكبر من أن نعتمد على الدين جامعة تربطنا .. ونحن في حاجة إلى ثقافة حرة أبعد ما تكون عن الأديان ؛ وحكومة ديمقراطية برلمانية كما هي في أوروبا ؛ وأن يعاقب كل من يحاول أن يجعلها مثل حكومة هارون الرشيد ، أو المأمون ، أو أتوقراطية دينية ... وكلما ازددت خبرة وتجربة ، وثقافة ، توضحت أمامي أغراضي ... يجب علينا أن نخرج من آسيا ، وأن نلتحق بأوروبا ؛ فإني كلما زادت معرفتي بالشرق ، ازدادت كراهيتي له ، وشعوري بأنه غريب عني. وكلما زادت معرفتي بأوروبا ، زاد حبي لها ، وتعلقي بها ، وزاد شعوري بأنها مني ، وأنا منها. وهذا هو مذهبي الذي أعمل له طول حياتي سرا ، وجهرا ، فأنا كافر بالشرق ، مؤمن بالغرب» (١).
تفنيد هذه الشبهة :
أولا : إن القرآن الكريم أوجب إقامة الدولة الإسلامية حكما وفرضا ، وإن لم يذكرها نصا ، ولفظا. فقد أوجبها بذكره لوظائفها ، ونصه على واجباتها. فقد أوجب فرائض ، وتكاليف دينية ، ودنيوية كثيرة ، وأوكل تنفيذها ، وإقامتها إلى الدولة ، والحاكم ، وجعل أداءها ، وقيامها من أساسيات الوظائف العامة للسلطة ، والسلطات الحكومية. إن القرآن الكريم جعل أداء الواجبات الدينية منوطا ، ومتعلقا بوجود الدولة. فالواجب الديني يقتضي واجبا مدنيا هو الدولة. ووجوب الدولة إسلاميا يعود إلى أنها مما لا سبيل إلى أداء الواجب الديني إلا به. وكل ما لا
__________________
(١) سلامة موسى : كتاب : اليوم والغد. القاهرة سنة ١٩٢٧ م. انظر النص في : د. محمد محمد حسين : الاتجاهات الوطنية في الأدب المعاصر. ص ٢١٢ ـ ٢١٥ ـ القاهرة ـ سنة ١٩٨٠ م.