وبالنسبة للمؤمنين من الرعية السياسية فمرجعهم القرآن مصداق قوله تعالى : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً) سورة النساء آية ٥٩. وقد ذكر ابن إسحاق ما ورد في الوثيقة التي تنظم علاقات الدولة الإسلامية مع رعاياها من اليهود ، والوثنيين ، والتي جاءت تحت معاني التسامح ، والتلطف ، والمعاونة. وجاء فيها : «وإن يهود بني عوف أمّة من المؤمنين ؛ ولليهود دينهم ، وللمسلمين دينهم ؛ وأن ليهود بني النجار ، والحارث ، وساعدة ، وبني جشم ، وبني الأوس مثل ما ليهود بني عوف ، وأن على اليهود نفقتهم ، وعلى المسلمين نفقتهم. وأن بينهم النصر على من حارب أهل هذه الصحيفة. وأن بينهم النصح ، والنصيحة ، والبر دون الإثم. وأنّه لم يأثم امرؤ بحليفه. وأن النصر للمظلوم ؛ وأن الجار كالنفس غير مضار ، ولا آثم. وأن بينهم النصر على من دهم يثرب. وأنّ من خرج آمن ، ومن قعد بالمدينة آمن إلّا من ظلم .. وأن الله جار لمن بر ، واتقى» (١). وغيرها من البنود الأخرى في الدستور ، والتي تجمع كلها على مضامين التعاون ، والتكافل ، والضرب على أيدي المخربين ، والمعتدين على رعية الدولة من مسلمين ، وغير مسلمين.
٣ ـ وأما بالنسبة لمعالم وأركان الدولة الإسلامية : ١ ـ فكان الرسول «صلىاللهعليهوآلهوسلم» الرئيس ، والقائد ، والإمام ، والمرجع الأعلى للدولة. ٢ ـ وكان مجلس وزرائه ، ومشورته كبار الصحابة من مهاجرين ، وأنصار : كالعشرة المهاجرين الأول ، ونقباء الأنصار الاثني عشر. ٣ ـ وكان من الإداريين من اختص بالحجابة ، والسقاية ، والكتابة ، والترجمة ، وحمل الخاتم ، وكاتم الأسرار ، وهو حذيفة بن اليمان. وإمارة الحج ... الخ. ٤ ـ وكان من العمالات على الفقه ، والعلم : عمال تعليم القرآن ، وتعليم
__________________
ـ ١٦. ص ٣٤٨ ـ و ٣٥١ القاهرة. ومحمد حميد الله الحيدرآبادي : الوثائق السياسية للعهد النبوي والخلافة الراشدة. ص ١٥ ـ ١٦. القاهرة ـ سنة ١٩٥٦ م.
(١) ابن إسحاق. ج ٢ ص ١٦ ـ ١٨. ومحمد الغزالي. فقه السيرة. ص ١٩٧.