أبدا» فإن لفظ التأبيد كثيرا ما يستعمله اليهود معدولا عن حقيقته ، ومن ذلك ما جاء في البقرة التي أمروا بذبحها : «هذه سنة لكم أبدا». وما جاء في القربان : «قربوا كل يوم خروفين قربانا دائما».
وهذان الحكمان منسوخان باعتراف اليهود أنفسهم رغم التصريح بأنهما مؤبدان. ومما يثبت عدم تأبيدها أيضا نسخ الشريعة اليهودية بالإسلام. وكذلك قوله صلىاللهعليهوآلهوسلم : «لو كان أخي موسى حيا ما وسعه إلا اتّباعي». وكذلك الأمر بالنسبة للشريعة المسيحية فإنه لا أدلة على عموميتها ، أو تأبيدها. وأما بالنسبة لقول المسيح عليهالسلام : «السماء والأرض تزولان ، وكلامي لا يزول». لا يدل على التأبيد لها ، وإنّما قالها بالنسبة لتنبؤاته المستقبلية ، والتي ستقع لا محالة. وهذا هو المقصود بقوله : وكلامي لا يزول.
ويكفينا الدليل على خصوصيتها قول المسيح «عليهالسلام» في الإنجيل : «إنّما بعثت لخراف بني إسرائيل الضالّة».
ثالثا : إن الديانة الإسلامية عادلة : وعدالتها إلهية. وهذه لا تتجزأ ، ولا تحصر في نطاق دون آخر ، أو نشاط دون آخر. وشواهد العمومية للعدالة تتنافى تماما مع خصوصية التطبيق لها. وإن العدالة الإلهية تتنافى تماما مع جزئية التناول لها. فهي تتنافى تماما مع مبدأ فصلها عن الدولة ، وحصرها في نطاق الأفراد. وإن مبدأ عمومية العدالة في الإسلام يمتد ليشمل جميع جوانب الحياة ، وهذه سنة الله في خلقه. يمتد ليشمل السياسة ، والاقتصاد ، والاجتماع ؛ وضمن جميع العلاقات والنشاطات ، سواء فيما بين الأفراد ، أو فيما بينهم وبين الدولة. وإلا وإن حصرت العدالة ، أو جزئت ، فقدت أهم خصائصها ؛ وهي العمومية في التطبيق. ومن هنا يستحيل القول بالفصل بين الدين ، والدولة ؛ أو بين الإسلام ، والسياسة.
فالإسلام في عمومية عدالته روح الحياة ، وجوهر الانتظام للعلاقات الإنسانية ، وفي جميع القطاعات. والإسلام في عمومية عدالته عماد