أمّا الموجة الحالية ، فإنّها ـ برغم انتشارها الواسع ـ ظاهرة جديدة ودخيلة على التدين المصري العاقل الهادئ. وكأي ظاهرة دخيلة ينبغي علينا أن نتعقب أسبابها إلى عوامل طارئه».
ويبرّر ظهور القاعدة الجماهيرية العريضة ، والمطالبة بتطبيق الشريعة بمعسول القول ، وهناته ، حيث يقول : «وفي رأيي أنّ اتّساع القاعدة الجماهيرية التي تنادي بمبدإ معين لا يمكن أن يكون مقياسا لنجاح هذا المبدأ إلّا في حالة واحدة فقط هي التي يكون فيها وعي هذه الجماهير ناضجا كلّ النضج. وأستطيع أن أقول من وجهة نظري الخاصة : إنّ الانتشار الواسع للاتجاهات الإسلامية بشكلها الراهن إنّما هو مظهر صارخ من مظاهر نقص الوعي لدى الجماهير ... ، وذلك لغلبة الطابع الشكلي على فهمها للدين ، وتركيز جهده على الجانب الشعائري من الدين ، وعلى التحريمات الجنسية ، وشكل الملبس ... الخ. ونتصور أن أوّل جوانب تطبيق الشريعة وأهمها هو تطبيق حدود الخمر ، والسرقة ، والزنى ؛ ونتجاهل كلية مشكلات الحياة الاقتصادية ، والسياسية بتعقيداتها التي لا تنتهي. هذا الانقياد لا يمكن أن يكون علامة صحة ، وإنّما هو حالة شاذة طارئة لم تعرفها مصر إلّا في ظل عهود الحكم الفردي المتلاحقة ، وفي العهد الذي فتح الباب لتسرب الفكر المتخلّف الوافد من مجتمعات بترولية تستخدم الدين أداة للحفاظ على مصالحها في الداخل ، ونشر إيديولوجيتها الهابطة في الخارج». وفي الندوة التاريخية التي أقيمت في دار الحكمة للحوار بين «الإسلام والعلمانية» منذ سنتين ، والذي دعت إليه نقابة الأطباء بالقاهرة يذكر د. فؤاد زكريا تأييدا لشبهته في عدم صلاحية تطبيق الشريعة ، وصلاحية العلمانية في الحكم ما يسميه بواقع التعصب الطائفي كما هو الحال في لبنان ، والهند ، وبأن كثرة وجود الأديان يتعارض مع التفرد في تطبيق دين الإسلام.
تفنيد هذه الشبهة :
أولا : إنّ أصحاب هذه الشبهة أمثال فؤاد زكريا ، وجماعة