الذي عاصر نزول الوحي في معظمه ، وهو الأعلم من غيره بما هو قرآن ، وما هو ليس بقرآن. وهو الصحابي الجليل الذي عرف عنه تقواه ، وشدة غيرته على دينه ، وعلى قرآنه ؛ وبذلك فالعقلانية السليمة تقتضي بطلان ما نقل عن ابن مسعود في هذا الشأن.
قال الإمام النووي في «شرح المهذب» : «أجمع المسلمون على أنّ المعوذتين ، والفاتحة من القرآن ، وأنّ من جحد شيئا منها كفر ، وما نقل عن ابن مسعود باطل ليس بصحيح».
وقال الإمام ابن حزم في كتاب «القدح المعلى» : «هذا كذب عن ابن مسعود ، وموضوع».
وأخرج الإمام مسلم في صحيحه عن عقبة بن عامر : «أنّه صلىاللهعليهوآلهوسلم قرأهما في الصلاة».
وأخرج ابن حبّان من وجه آخر عن عقبة بن عامر أيضا : «فإن استطعت ألا تفوتك قراءتهما في صلاة ، فافعل».
وأخرج أحمد بن حنبل من طريق أبي العلاء بن الشخير عن رجل من الصحابة : «بأنّ النبي «صلىاللهعليهوآلهوسلم» أقرأنا المعوذتين ، وقال له : إذا أنت صليت ، فأقرأ بهما».
وقد صح عند العلماء عن ابن مسعود نفسه قراءة عاصم ، وفيها المعوّذتان والفاتحة. وكذلك قرأ المعوّذتين حمزة ، والكسائي ، وجميع القراء السبعة والعشرة ، وغيرهم.
ثانيا : احتمال أن إنكار ابن مسعود كان قبل علمه بأنهما من القرآن. وبعد أن علم أنهما من القرآن آمن بهما ، وأخذ بهما ، وتمسك بهما. قال بعض العلماء : «يحتمل أن ابن مسعود لم يسمع المعوّذتين من النبي «صلىاللهعليهوآلهوسلم». ولم تتواتر عنده ، فتوقف في أمرهما ، وإنما لم ينكر ذلك عليه ؛ لأنّه بصدد البحث ، والنظر ، والواجب عليه التثبت في هذا الأمر».