ثالثا : عدم صحة النقل عن ابن مسعود بأنّه أنكر قرآنية الفاتحة. وحاشا أن تكون الفاتحة قد خفيت عليه ، وهي أم القرآن ، والسبع المثاني ، ومثلها مستحيل أن يخفى على ابن مسعود. وكذلك لو صح أنّه أسقطها من مصحفه ، فلا يعني هذا أنّه ينكرها.
قال ابن قتيبة ما نصه : «وأما إسقاطه الفاتحة من مصحفه ، فليس لظنه أنّها ليست من القرآن (معاذ الله) ، ولكنه ذهب إلى أن القرآن إنما كتب ، وجمع بين اللوحين ، مخافة الشك ، والنسيان ، والزيادة ، والنقصان».
رابعا : إن إنكار ابن مسعود لقرآنية الفاتحة ، والمعوّذتين ، لو صح ، فإنّ هذا لا ينقض قرآنيتهما ، وتواترهما ، ولا يرفع العلم اليقيني بقرآنية ما صح قرآنيته ؛ وليس من شروط تواتر القرآن ، والعلم اليقيني بثبوته ألا يخالفه مخالف حتى ولو كان من الصحابة ، وإلّا لأمكن هدم كل تواتر ، وإبطال كل علم يقيني قام عليه.
قال ابن قتيبة في «مشكل القرآن» : «ظن ابن مسعود أنّ المعوّذتين ليستا من القرآن ؛ لأنّه رأى النبي «صلىاللهعليهوآلهوسلم» يعوذ بهما الحسن ، والحسين ، فأقام على ظنه ، ولا نقول إنّه أصاب في ذلك ، وأخطأ المهاجرون ، والأنصار».
الشبهة الثانية :
إنّ في المصحف آية هي من تأليف ، وكلام أبي بكر ، وهي قوله تعالى : (وَما مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِنْ ماتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلى أَعْقابِكُمْ وَمَنْ يَنْقَلِبْ عَلى عَقِبَيْهِ فَلَنْ يَضُرَّ اللهَ شَيْئاً) سورة آل عمران آية ١٤٤. وحجتهم في ذلك : أنّه عند ما توفي الرسول «صلىاللهعليهوآلهوسلم» قال عمر بن الخطاب : «إنّ رجالا من المنافقين يزعمون أن رسول الله «صلىاللهعليهوآلهوسلم» توفي ،