وإن رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ما مات ، ولكنه ذهب إلى ربه ، كما ذهب موسى بن عمران ؛ فقد غاب عن قومه أربعين ليلة ثم رجع إليهم بعد أن قيل : مات. والله ليرجعن رسول الله «صلىاللهعليهوآلهوسلم» كما رجع موسى ، فليقطعن أيدي رجال ، وأرجلهم ، زعموا أنّ رسول الله «صلىاللهعليهوآلهوسلم» مات». قالوا : فقام أبو بكر ، ورد على عمر. فقال : على رسلك يا عمر ، أنصت. فحمد الله ، وأثنى عليه ثم قال : «أيّها الناس» من كان يعبد محمدا ، فإن محمدا قد مات ومن كان يعبد الله ، فإن الله حي لا يموت ، ثم تلا الآية : (وَما مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِنْ ماتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلى أَعْقابِكُمْ وَمَنْ يَنْقَلِبْ عَلى عَقِبَيْهِ فَلَنْ يَضُرَّ اللهَ شَيْئاً) سورة آل عمران آية ١٤٤ وزعموا أنّها من كلام أبي بكر رد بها على عمر عند ما أنكر وفاة الرسول «صلىاللهعليهوآلهوسلم».
تفنيد هذه الشبهة :
إن مجرد تلاوة أبي بكر لهذه الآية في رده على عمر ، وتهدئة الناس لا يعني مطلقا ، وبهذه السذاجة ، أنّها من كلام أبي بكر تفوّه بها ، أو قالها ، وذلك من جهتين :
الأولى : إنّ جميع الصحابة ، ومنهم أبو بكر يحفظونها ، ويعلمون أنّها من القرآن ، وأنّها كلام الله تعالى ، وترتيبها في سورة آل عمران ، ونزلت قبل وفاة الرسول «صلىاللهعليهوآلهوسلم» ببضع سنين.
الثانية : أنّ الكثير الكثير من الصحابة يعلمون سبب نزولها ، ومكان ، وتاريخ نزولها. وقد ورد في الروايات الصحيحة أن الآية : (وَما مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ) قد نزلت في غزوة أحد ، عتابا من الله تعالى على الصحابة ، لفرارهم من القتال. حيث إنّه عند ما أصيب المسلمون في غزوة أحد ، وكسرت رباعية الرسول «صلىاللهعليهوآلهوسلم» ، وشج وجهه ، وجحشت ركبته ، وشاع بين المقاتلة ، أن رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم قد قتل ؛ هنالك قال بعض المسلمين : ليت لنا رسول إلى عبد الله بن أبي بن سلول ، فيأخذ لنا أمانا من أبي سفيان. وبعضهم جلسوا. وألقوا بأيديهم ، وقال أناس من