ثالثا : أن مذهب الجمهور قائم على أدلة متوافرة على وجوب التزام هذا الرسم عندهم. وقد تقدمت تلك الأدلة أيضا.
رابعا : أنّ مصطلح الخط والكتابة في عصرنا ، عرضة للتغيير والتبديل. ومن المبالغة في قداسة القرآن حمايته من التغيير ، والتبديل في رسمه.
خامسا : أن إخضاع المصحف لمصطلحات الخط الحديثة ، ربما يجرّ إلى فتنة ، أشبه بالفتنة التي حدثت أيام عثمان ، وحملته على أن يجمع القرآن. فربما يقول بعض الناس لبعض ، أو بعض الشعوب لبعض ، عند اختلاف قواعدهم في رسم المصحف : رسمي خير من رسمك ، أو مصحفي خير من مصحفك ، أو رسمي صواب ، ورسمك خطأ. وقد يجر ذلك إلى أن يؤثم بعضهم بعضا ، أو يقاتل بعضهم بعضا. ومن المقرّر أن درء المفاسد مقدّم على جلب المصالح.
سادسا : أن الرسم العثماني أشبه بالرسم العام الذي يجمع الأمة على كتابة كتاب ربها في سائر الأعصار والأمصار ، كاللغة العربية ؛ فإنها اللسان العام الذي يجمع الأمة على قراءة كتاب ربها في سائر الأعصار والأمصار. وما يكون لنا أن نفرط في أمر هذا شأنه يجمع الشتات ، وينظم الأمة في سلك واحد لا فرق بين ماض ، وحاضر وآت!.
سابعا : أنّه يمكن تسهيل القراءة على الناس بإذاعة القرآن كثيرا إذاعة مضبوطة دقيقة ، وبإذاعة فن التجويد في المدارس ، وفي أوساط المتعلمين ، وأخيرا يمكن ـ كما قالت مجلة الأزهر ـ أن ننبّه في ذيل كل صفحة من صفحات المصحف على ما يكون فيها من الكلمات المخالفة للرسم المعروف ، والاصطلاح المألوف. لا سيما أن رسم المصاحف العثمانية لا يخالف قواعدنا في الخط والإملاء إلا قليلا ، وفي كلمات معدودة ، أضف إلى ذلك أن الفرق بين الرسمين لا يوقع القارئ اليقظ في لبس عند تأمله ، وإمعانه غالبا.