وروي عن مجاهد : أنّها كانت تمشي بالنميمة.
فلهذه الأسباب نزلت هذه السورة مراعية أحوال المخاطبين بالإنذار ، والوعيد ، وبأن أبا لهب ، وزوجته حمالة الحطب سيصلون نارا ذات لهب ، وجاءت السور بألفاظ اللياقة في الوعيد ، والأدب في التقريع دون قول دنيء ، أو تفوه منحط غير سليم ؛ وذلك تخويفا لهم ، ولأمثالهم ؛ وتسلية ، ومؤازرة للرسول «صلىاللهعليهوآلهوسلم» وصحابته أجمعين.
فبالله عليك ، كيف تطمع أحلام المتنطعين أن ينزل قرآن بغير هذا الأسلوب؟! فهو ، وإن نزل بغير ذلك ـ وحاشا لله ـ يكون قد خرج عن المألوف في رعاية مخاطبة الجاهلين. أيطمع هؤلاء المتنطعون أن ينزل القرآن بأسلوب الثناء ، والمدح ، والرفق ، وحسن الخاتمة لأبي لهب ، وزوجته ، وأمثالهم!!
ب ـ وأما سورة : (وَالْعَصْرِ (١) إِنَّ الْإِنْسانَ لَفِي خُسْرٍ) : فقد خلت من كل سباب ، أو شتم ، أو مما يدّعون. والسورة واضحة في تلاوتها وألفاظها ؛ وبينة في تراكيبها ، ومفرداتها فأين السباب ، وأين البذاءة ، وأين الانحطاط؟!! وهل خرجت هذه السورة في أسلوبها عن شواهد النقاء في التعبير ، والوضوح في التمثيل؟! فالسورة من الوضوح في اللفظ ، والدلالة ، ما يسمو بألفاظها ، وأسلوبها إلى غاية الفصاحة ، والبيان في اللياقة ، والأدب ؛ وإلى غاية الدلالة في الإفحام والإقناع ؛ وهذا مما دفع الإمام الشافعي «رحمة الله عليه» أن يقول : لو لم يأت القرآن بغير هذه السورة لكفى. أي لكفت البشرية إعجازا في اللفظ ، والتعبير ، والدلالة ، والمعنى ، والتأصيل ، والإنذار ، والوعيد ، والبشرى ، والنذير.
ج ـ وأما سورة : «ألهيكم التكاثر» ، فقد أبانت مصير هؤلاء الذين شغلتهم الدنيا عن آخرتهم ، وقد أنذرت هؤلاء باليقين بالعذاب بالنار ، والجحيم إن لم يتوبوا ، ويعودوا إلى بارئهم ؛ ويتركوا شواغل الدنيا : كالتفاخر بالأموال ، والأولاد. وقد ذكرتهم أيضا ،