وتذكرنا ، وهي تذكر كل صاحب لب نير ، ومستقيم بعواقب السلوك ، والتصرف بالأموال ، وهي تنذر الجميع بسؤالهم عن النعيم ، أي المال من أين اكتسبوه ، وفيما أنفقوه ؛ تخويفا للعباد بالاستقامة ، وحسن التصرف ، والسلوك في حياتهم ، وأعمالهم.
د ـ أما قوله تعالى في سورة الفجر : (فَصَبَّ عَلَيْهِمْ رَبُّكَ سَوْطَ عَذابٍ (١٣) إِنَّ رَبَّكَ لَبِالْمِرْصادِ). فغاية ما جاءت به مثل هذه الآيات هو التخويف لبني البشر حتى لا يصيبهم مثل ما أصاب من تتكلم عنهم هذه الآيات ، وهم : أقوام ثمود ، وعاد ، وفرعون حيث طغوا في البلاد ، وأكثروا فيها الفساد. وحتى يكون مصيرهم عبرة ، وعظة لمن أراد أن يكون على طغيانهم ، واستبدادهم ، وعنادهم ، وكفرهم ، فيستعملون عقولهم ، وينقذوا نفوسهم من مصير هؤلاء الذين أهلكوا أنفسهم ، وعصوا ربهم. وهكذا أسلوب القرآن الكريم بمكيه ، وحتى بمدنيه ، يستخدم أسلوب التخويف بألفاظ الشدة ، والتقريع ، ومفردات الإنذار والوعيد ، والترغيب والترهيب حتى يرتدع الجبابرة المعاندون ، ويعودوا إلى رشدهم. والقرآن الكريم في كل هذا نأى عن ألفاظ السباب ، أو البذاءة ، أو الإقذاع متذرعا بالحكمة ، والموعظة الحسنة ، وضمن شواهد الأدب في الإرشاد ، والاقتناع ، ومن خلال معالم الإقامة حتى في التسفيه ، والردع للمعاندين.
الشبهة السادسة :
إن القسم القرآني المكي خلا من التشريع ، والأحكام بينما اقتصر ذلك على القسم المدني. وبذلك فإن هذا يدل على تأثر القرآن بالوسط المدني ، وبأهله ، وبأن محمدا «صلىاللهعليهوآلهوسلم» هو الذي ألف القرآن من عنده ، ناقلا ومتعلما من مثقفي المدينة أهل الكتاب حيث يسكنون ، ويقيمون.