ت : قد تقدم ما جاء في الفكرة في «آل عمران». قال ابن عطاء الله : الفكرة سراج القلب ؛ فإذا ذهبت فلا إضاءة له. وقال : ما نفع القلب شيء مثل عزلة يدخل بها ميدان فكرة ، انتهى وباقي الآية بيّن.
(أَوَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنْظُرُوا كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ كانُوا أَشَدَّ مِنْهُمْ قُوَّةً وَأَثارُوا الْأَرْضَ وَعَمَرُوها أَكْثَرَ مِمَّا عَمَرُوها وَجاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّناتِ فَما كانَ اللهُ لِيَظْلِمَهُمْ وَلكِنْ كانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ (٩) ثُمَّ كانَ عاقِبَةَ الَّذِينَ أَساؤُا السُّواى أَنْ كَذَّبُوا بِآياتِ اللهِ وَكانُوا بِها يَسْتَهْزِؤُنَ (١٠) اللهُ يَبْدَؤُا الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ ثُمَّ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ (١١) وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ يُبْلِسُ الْمُجْرِمُونَ (١٢) وَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ مِنْ شُرَكائِهِمْ شُفَعاءُ وَكانُوا بِشُرَكائِهِمْ كافِرِينَ) (١٣)
وقوله عزوجل : (أَوَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنْظُرُوا كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ كانُوا أَشَدَّ مِنْهُمْ قُوَّةً وَأَثارُوا الْأَرْضَ ...) الآية ، يريد أثاروا الأرض بالمباني ، والحرث ، والحروب وسائر الحوادث التي أحدثوها هي كلّها إثارة للأرض ؛ بعضها حقيقة وبعضها بتجوّز ، والضمير في (عَمَرُوها) الأول للماضين ، وفي الثاني للحاضرين المعاصرين.
وقوله تعالى : (ثُمَّ كانَ عاقِبَةَ الَّذِينَ أَساؤُا السُّواى أَنْ كَذَّبُوا بِآياتِ اللهِ).
قرأ نافع (١) وغيره : «عاقبة» ـ بالرفع ـ على أنها اسم (كانَ) ، والخبر يجوز أن يكون (السُّواى) ، ويجوز أن يكون (أَنْ كَذَّبُوا) ، وتكون (السُّواى) على هذا مفعولا ب (أَساؤُا) وإذا كان (السُّواى) خبرا ف (أَنْ كَذَّبُوا) مفعول من أجله.
وقرأ (٢) حمزة والكسائيّ وغيرهما «عاقبة» بالنصب على أنها خبر مقدّم ، واسم كان أحد ما تقدم ، و (السُّواى) : مصدر كالرّجعى ، والشورى ، والفتيا. قال ابن عباس : (أَساؤُا) هنا بمعنى : كفروا (٣) ، و (السُّواى) هي النار. وعبارة البخاري : وقال مجاهد (السُّواى) أي : الإساءة جزاء المسيئين (٤) ، انتهى. والإبلاس : الكون في شرّ ، مع اليأس من الخير.
__________________
(١) ينظر : «السبعة» (٥٠٦) ، و «الحجة» (٥ / ٤٤٢) ، و «إعراب القراءات» (٢ / ١٩٣) ، و «معاني القراءات» (٢ / ٢٦٣) ، و «شرح الطيبة» (٥ / ١٣١) ، و «العنوان» (١٥١) ، و «حجة القراءات» (٥٥٦) ، و «شرح شعلة» (٥٣٩) ، و «إتحاف» (٢ / ٣٥٤)
(٢) ينظر : مصادر القراءة السابقة.
(٣) أخرجه الطبريّ (١٠ / ١٧١) رقم (٢٧٩٠٧) ، وذكره ابن عطية (٤ / ٣٣١) ، والسيوطي (٥ / ٢٩٣) ، وعزاه لابن جرير ، وابن المنذر ، وابن أبي حاتم عن ابن عباس.
(٤) ذكره السيوطي (٥ / ٢٩٣) ، وعزاه للفريابي ، وابن أبي شيبة عن مجاهد.