الْمُؤْمِنُونَ) معناه : اختبروا (وَزُلْزِلُوا) : معناه : حرّكوا بعنف. ثم ذكر تعالى قول المنافقين والمرضي القلوب ؛ على جهة الذّمّ لهم (ما وَعَدَنَا اللهُ وَرَسُولُهُ إِلَّا غُرُوراً) فروي عن يزيد بن رومان أن معتّب بن قشير قال : يعدنا محمّد أن نفتتح كنوز كسرى وقيصر ومكة ؛ ونحن الآن لا يقدر أحدنا أن يذهب إلى الغائط ؛ ما يعدنا إلا غرورا ، وقال غيره من المنافقين نحو هذا.
(وَإِذْ قالَتْ طائِفَةٌ مِنْهُمْ يا أَهْلَ يَثْرِبَ لا مُقامَ لَكُمْ فَارْجِعُوا وَيَسْتَأْذِنُ فَرِيقٌ مِنْهُمُ النَّبِيَّ يَقُولُونَ إِنَّ بُيُوتَنا عَوْرَةٌ وَما هِيَ بِعَوْرَةٍ إِنْ يُرِيدُونَ إِلاَّ فِراراً (١٣) وَلَوْ دُخِلَتْ عَلَيْهِمْ مِنْ أَقْطارِها ثُمَّ سُئِلُوا الْفِتْنَةَ لَآتَوْها وَما تَلَبَّثُوا بِها إِلاَّ يَسِيراً (١٤) وَلَقَدْ كانُوا عاهَدُوا اللهَ مِنْ قَبْلُ لا يُوَلُّونَ الْأَدْبارَ وَكانَ عَهْدُ اللهِ مَسْؤُلاً (١٥) قُلْ لَنْ يَنْفَعَكُمُ الْفِرارُ إِنْ فَرَرْتُمْ مِنَ الْمَوْتِ أَوِ الْقَتْلِ وَإِذاً لا تُمَتَّعُونَ إِلاَّ قَلِيلاً (١٦) قُلْ مَنْ ذَا الَّذِي يَعْصِمُكُمْ مِنَ اللهِ إِنْ أَرادَ بِكُمْ سُوءاً أَوْ أَرادَ بِكُمْ رَحْمَةً وَلا يَجِدُونَ لَهُمْ مِنْ دُونِ اللهِ وَلِيًّا وَلا نَصِيراً (١٧) قَدْ يَعْلَمُ اللهُ الْمُعَوِّقِينَ مِنْكُمْ وَالْقائِلِينَ لِإِخْوانِهِمْ هَلُمَّ إِلَيْنا وَلا يَأْتُونَ الْبَأْسَ إِلاَّ قَلِيلاً (١٨) أَشِحَّةً عَلَيْكُمْ فَإِذا جاءَ الْخَوْفُ رَأَيْتَهُمْ يَنْظُرُونَ إِلَيْكَ تَدُورُ أَعْيُنُهُمْ كَالَّذِي يُغْشى عَلَيْهِ مِنَ الْمَوْتِ فَإِذا ذَهَبَ الْخَوْفُ سَلَقُوكُمْ بِأَلْسِنَةٍ حِدادٍ أَشِحَّةً عَلَى الْخَيْرِ أُولئِكَ لَمْ يُؤْمِنُوا فَأَحْبَطَ اللهُ أَعْمالَهُمْ وَكانَ ذلِكَ عَلَى اللهِ يَسِيراً (١٩) يَحْسَبُونَ الْأَحْزابَ لَمْ يَذْهَبُوا وَإِنْ يَأْتِ الْأَحْزابُ يَوَدُّوا لَوْ أَنَّهُمْ بادُونَ فِي الْأَعْرابِ يَسْئَلُونَ عَنْ أَنْبائِكُمْ وَلَوْ كانُوا فِيكُمْ ما قاتَلُوا إِلاَّ قَلِيلاً (٢٠) لَقَدْ كانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كانَ يَرْجُوا اللهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللهَ كَثِيراً) (٢١)
وقوله سبحانه : (وَإِذْ قالَتْ طائِفَةٌ مِنْهُمْ) أي : من المنافقين (لا مُقامَ لَكُمْ) أي : لا موضع قيام وممانعة ، فارجعوا إلى منازلكم وبيوتكم ، وكان هذا على جهة التخذيل عن رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، والفريق المستأذن هو أوس بن قيظي ؛ استأذن في ذلك على اتّفاق من أصحابه المنافقين ؛ فقال : (إِنَّ بُيُوتَنا عَوْرَةٌ) أي : منكشفة للعدو فأكذبهم الله ـ تعالى ـ ولو دخلت المدينة (مِنْ أَقْطارِها) أي : من نواحيها ، واشتد الخوف الحقيقي ، ثم سئلوا الفتنة والحرب لمحمد صلىاللهعليهوسلم وأصحابه لبادروا إليها وآتوها محبين فيها ولم يتلبّثوا في بيوتهم لحفظها إلّا يسيرا ، قيل : قدر ما يأخذون سلاحهم.
ثم أخبر تعالى عنهم أنهم قد كانوا عاهدوا الله إثر أحد لا يولّون الأدبار وفي قوله تعالى : (وَكانَ عَهْدُ اللهِ مَسْؤُلاً) توعّد وباقي الآية بيّن. ثم وبّخهم بقوله : (قَدْ يَعْلَمُ اللهُ الْمُعَوِّقِينَ مِنْكُمْ) وهم الذين يعوّقون الناس عن نصرة الرسول ويمنعونهم بالأقوال والأفعال من ذلك ويسعون على الدين ، وأما القائلون لإخوانهم هلمّ إلينا فقال ابن زيد وغيره : أراد