قال ع : قال لنا أبي ـ رحمهالله ـ : هذه الآية من أرجى آية عندي في كتاب الله ـ عزوجل ـ.
قال أبو بكر بن الخطيب : أخبرنا أبو نعيم الحافظ ، ثم ذكر سنده إلى ابن عباس قال : قال النّبيّ صلىاللهعليهوسلم : أنزلت عليّ آية (يا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْناكَ / شاهِداً وَمُبَشِّراً وَنَذِيراً) قال : شاهدا : على أمتك ، ومبشرا : بالجنة ، ونذيرا : من النار ، وداعيا : إلى شهادة أن لا إله إلا الله ، بإذنه : بأمره ، وسراجا منيرا : بالقرآن. انتهى من «تاريخ (١) بغداد» له ، من ترجمة «محمد بن نصر».
وقوله تعالى : (وَدَعْ أَذاهُمْ) يحتمل أن يريد أن يأمره تعالى بترك أن يؤذيهم هو ويعاقبهم ، فالمصدر على هذا مضاف إلى المفعول ، ويحتمل أن يريد : أعرض عن أقوالهم وما يؤذونك به ، فالمصدر على هذا التأويل مضاف إلى الفاعل ؛ وهذا تأويل مجاهد (٢) ، وباقي الآية بيّن.
(يا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَحْلَلْنا لَكَ أَزْواجَكَ اللاَّتِي آتَيْتَ أُجُورَهُنَّ وَما مَلَكَتْ يَمِينُكَ مِمَّا أَفاءَ اللهُ عَلَيْكَ وَبَناتِ عَمِّكَ وَبَناتِ عَمَّاتِكَ وَبَناتِ خالِكَ وَبَناتِ خالاتِكَ اللاَّتِي هاجَرْنَ مَعَكَ وَامْرَأَةً مُؤْمِنَةً إِنْ وَهَبَتْ نَفْسَها لِلنَّبِيِّ إِنْ أَرادَ النَّبِيُّ أَنْ يَسْتَنْكِحَها خالِصَةً لَكَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ قَدْ عَلِمْنا ما فَرَضْنا عَلَيْهِمْ فِي أَزْواجِهِمْ وَما مَلَكَتْ أَيْمانُهُمْ لِكَيْلا يَكُونَ عَلَيْكَ حَرَجٌ وَكانَ اللهُ غَفُوراً رَحِيماً) (٥٠)
وقوله تعالى : (يا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَحْلَلْنا لَكَ أَزْواجَكَ ...) الآية ، ذهب ابن زيد والضحاك في تفسير هذه الآية إلى : أن الله تعالى أحل لنبيه أن يتزوج كل امرأة يؤتيها مهرها ، وأباح له كلّ النساء بهذا الوجه ، وإنما خصّص هؤلاء بالذكر تشريفا لهنّ ؛ فالآية على هذا التأويل فيها إباحة مطلقة في جميع النساء ، حاشى ذوات المحارم المذكور حكمهنّ (٣) في غير هذه الآية. ثم قال بعد هذا (تُرْجِي مَنْ تَشاءُ مِنْهُنَ) أي : من هذه الأصناف كلها ، ثم تجري الضمائر بعد ذلك على العموم إلى قوله تعالى : (وَلا أَنْ تَبَدَّلَ
__________________
(١) أخرجه الخطيب في «تاريخ بغداد» (٣ / ٣١٩)
(٢) أخرجه الطبريّ (١٠ / ٣٠٧) رقم (٢٨٥٣٨) بنحوه ، وذكره ابن عطية (٤ / ٣٩٠) ، والسيوطي في «الدر المنثور» (٥ / ٣٩١) ، وعزاه للفريابي ، وابن أبي شيبة ، وعبد بن حميد ، وابن جرير ، وابن المنذر ، وابن أبي حاتم عن مجاهد رضي الله عنه.
(٣) أخرجه الطبريّ (١٠ / ٣٠٩) عن ابن زيد برقم (٢٨٥٤٤) ، وعن الضحاك برقم (٢٨٥٤٥) ، وذكره ابن عطية (٤ / ٣٩١)