المتواصلة ، وهذا لا يمكن لعاقل أن يتصور إمكانية حدوثه إلا بوحى من الله الخالق البارئ المصور.
ويستثنى من هذه القاعدة آيات الخلق والإفناء والبعث بما في ذلك خلق الكون ، وخلق الحياة ، وخلق الإنسان ؛ لأنها من القضايا التي لم يشهدها الإنسان ، وفي ذلك يقول الحق (تبارك وتعالى) :
(ما أَشْهَدْتُهُمْ خَلْقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَلا خَلْقَ أَنْفُسِهِمْ وَما كُنْتُ مُتَّخِذَ الْمُضِلِّينَ عَضُداً) (٥١) (الكهف : ٥١).
وعلى ذلك فإن العلوم المكتسبة لا يمكن لها أن تتعدى في قضايا الخلق والإفناء والبعث مرحلة التنظير ، وتتعدد النظريات بتعدد خلفية واضعيها. ويبقى للمسلم نور من الله الخالق متمثل في آية قرآنية صريحة أو حديث نبوي صحيح يعينه على أن يرتقى بإحدى هذه النظريات إلى مقام الحقيقة ، فينتصر للعلم بالقرآن الكريم أو بالحديث النبوي الشريف ، وليس العكس ، وهذا هو المقام الوحيد من مقامات الإعجاز العلمي في القرآن الكريم وفي السنة النبوية المطهرة الذي نضطر فيه إلى اللجوء للنظريات ؛ لعدم توفر الحقيقة ، والتي لا تتوفر إلا في وحي السماء.
وهنا لا بدّ من التأكيد على ضرورة الالتزام بالضوابط العديدة التي وضعت للتعامل مع قضية الإعجاز العلمي في كتاب الله وفي سنة رسوله (صلىاللهعليهوسلم).
وهنا أيضا لا بدّ من التأكيد على صعوبة التعرض لقضايا الإعجاز العلمى فى كتاب الله إلا من قبل المتخصصين ، كلّ فى حقل تخصصه ، فلا يقوى فرد واحد على معالجة كل القضايا الكونية ، التى تعرض لها القرآن الكريم من خلق الكون وإفنائه ، إلى خلق مراحل الجنين الإنسانى المتعاقبة ، إلى العديد من الظواهر الكونية ، إلى غير ذلك من مختلف الآيات الكونية الواردة فى كتاب الله.