ومثل هذه التغيرات فى حدود لوح الغلاف الصخرى للأرض يضع حدا لنمو الحزام الجبلي ، غير أن خط التحام الكتل المتصادمة (درز الاصطدام) يظل متسما بوجود طوف جبلى شاهق الارتفاع ، مكون من صخور شديدة الطى والتكسر بصدوع المجاوزة ، متطابقة مع ، أو مجاورة لحزام الطهارة ، ومتسما أيضا بقشرة قارية للأرض ذات سمك عال.
ومع تكون مثل هذه الجبال المرتفعة جدا فإن عمليات التحات والتعرية تبدأ فى الأخذ من ارتفاعها وتحمل الفتات الصخرى الناجم عن عملية التحات إلى منخفضات سطح الأرض من مثل المحيطات والبحار ، وكذلك إلى الوديان التى تتخلل الجبال حتى تتكرر دورة الصخور مرارا وتكرارا ، ولما كانت عمليات التحات والتجوية والتعرية تزيل كميات كبيرة من الكتل الصخرية فإن عملية التعديل التضاغطى لإحداث توازن القشرة الأرضية (isostatic adjustment) تعمل تدريجيّا على رفع الجبال كرد فعل على ذلك.
وباستمرار عمليات التحات والتعرية المقترنة بعمليات التعديل فى توازن القشرة الأرضية لفترات زمنية طويلة فإنها تنتهى بإنقاص سمك سلسلة الجبال إلى متوسط سمك القارة التى توجد عليها ، وحينئذ فإن جذور السلسلة الجبلية التى كانت طافية فى نطاق الضعف الأرضي ترتفع إلى أخفض مستويات سطح الأرض فتنكشف ، وعلى هذا النحو فقد لعبت الجبال دورا مهمّا فى تطور الغلاف الصخري للأرض ؛ إذ أن من المعتقد أن القارات ازدادت حجما بصورة تدريجية بإضافة أراض جبلية طولية إلى جوانبها (كسلسلة جبال الأپالاشى فى شرقى الولايات المتحدة ؛ وجبال الأنديز فى غربى أمريكا الجنوبية) ويعنى ذلك أن المناطق القارية كلها كانت فى يوم من الأيام جبالا شاهقة ، ثم تآكلت فيما بعد إلى مستواها الحالى بفعل عمليات التحات والتعرية ، وأن الكتل الصخرية القديمة (الرواسخ أو المجن) المستقرة نسبيّا والموجودة فى أواسط القارات ما هى إلا جذور تلك الجبال القديمة.
* * *